وجود اللَّه تعالى
2024-08-27

إنّ الاعتقاد بوُجود اللَّه أصلٌ مشترك بين جميع الشرائع السماويّة، وأساساً يكمنُ الفارقُ الجوهريُّ والأساسيُّ بين الإنسانِ الإلهيّ المتدينِ (مهما كانت الشريعة التي ينهجها) والفردِ الماديّ، في هذه المسألة.

إنّ القرآنَ الكريمَ يعتبر وجودَ اللَّه أمراً واضحاً وغنيّاً عن البرهنة، ويرى أنّ الشك والتردّد في هذه الحقيقة أمر غير مبرَّر، بل ومرفوضاً كما قال: [أَ فِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ] (1).

إلّا أنّه رغم وضوحِ وجودِ اللَّه وبداهته قد وضع القرآنُ الكريمُ أمام من يريدُ معرفة اللَّه عن طريق التفكّر والبرهنة، وإزالة جميعَ الشكوك والاحتمالات المضادّة عن ذهنه، طرقاً تؤدي هذه المهمة وأبرزها هو:

1 - إحساس الإنسان بالحاجة إلى كائنٍ أعلى، هذا الإحساس الذي يتجلّى في ظروف وحالاتٍ خاصّة، وهذا هو نداء الفطرة الإنسانية التي تدعوه إلى مبدأ الخلق يقول القرآن الكريم في هذا الصدد: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ] (2).

ويقول أيضاً: [فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ] (3).

2 - الدعوة إلى مطالَعة العالَم الطبيعيّ والتأمّل في عجائب المخلوقات التي هي آياتٌ واضحةٌ، ودلائلٌ قويةٌ على وجود اللَّه. إنّها آيات تدلّ على تأثير ودور العلم والقدرة، والتدبير الحكيم في عالم الوجود: [إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ] (4).

إنّ الآيات في هذا المجال كثيرة وما ذكرناه ليس سوى نماذج من ذلك.

ومن البديهيّ أن ما ذكرناه لا يعني بالمرّة أن الطريق إلى معرفة وجودِ اللَّه وإثباته يختص في هذين الطريقين، بل هناك طرق عديدة أُخرى لإثبات وجودِ اللَّه أتى بها علماء العقيدة، والمتكلمون المسلمون في مؤلفاتهم المختصة بهذه المواضيع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إبراهيم / 10.

(2) الروم / 30.

(3) العنكبوت / 65.

(4) آل عمران / 190.




العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، الشيخ السبحاني، ص43، 44