خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان اجتماعياً بفطرته، فالتواصل والترابط بين أفراد المجتمع وإن كلف الفرد بعض المتاعب أو كثيراً منها في علاقته مع الآخرين، إلا أنه:
اولاً: يشبع حاجته الغريزية إلى الالفة والاجتماع والتواصل، ويجنبه الوحدة والعزلة، وما يستتبعها من وحشة وكآبة قاتلة.
وثانياً: يقوي شخصيته في تحمل المسؤولية تجاه الآخرين، والاهتمام بأداء حقوقهم، فكلما كان الإنسان أوسع في علاقاته الاجتماعية وآلف مع الآخرين كان أقوى شخصية، وأصلب عوداً، وأقدر على تحمل المصاعب والمصائب التي يتعرض لها في معترك الحياة بمرور الزمن.
وكلما كان اقل اهتماماً بذلك منصرفاً لسدّ حاجته الشخصية، وإشباع شهواته من أقصر الطرق متحللاً من القيود الحاجزة من الدين والقيم والأعراف، كان أضعف نفساً وأقل تحملاً، ينهار أمام المشاكل التي تصادفه في معترك الحياة.
وثالثاً: يعينه في إدارة أموره في حياته، فإن الفرد لا يستغني بنفسه في القيام بما يحتاجه، بل يحتاج لغيره في سدّ خلته وعوزه، كما قال الشاعر:
الناس للناس من بَدْوٍ ومن حَضرٍ بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ
وفي حديث بكر الأرقط أو شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام): ((انه دخل عليه واحد، فقال: أصلحك الله، إني رجل منقطع إليكم بمودتي، وقد أصابتني حاجة شديدة، وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي وقومي، فلم يزدني بذلك منهم إلا بعداً. قال: فما آتاك الله خير مما أخذ منك. قال: جعلت فداك، ادع الله لي أن يغنيني عن خلقه، قال: ان الله قسم رزق من شاء على يدي من شاء. لكن سل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه)) (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكافي ج:2 ص:266 كتاب الايمان والكفر: باب ملحق بباب فضل فقراء المسلمين حديث: 2.
خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، ص289، 290
آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)