إنّ الحريات الفرديّة (الشخصيّة) في المجالات الاقتصادية السياسيّة مقيّدة في الإسلام بأنْ لا تُنافي مبدأَ التكامل المعنوي للإنسان كما هي مقيّدة بأن لا تضرّ بالمصالح العامة.
وفي الحقيقة إن حكمة التكليف بالوظائف والواجبات الدينية في الإسلام تكمن في أنّ الإسلام يريد بهذه الوظائف التي يُكلّف بها الإنسان أن يحافظ على كرامته الذاتيَّة، وفي الوقت نفسه يضمن سلامة واستمرار المصالح الاجتماعية.
إنّ مَنع الإسلام من الوثنيّة، ونهيه المؤكد عن تعاطي ومعاقرة الخمر وما شابه ذلك إنّما هو للحفاظ على الكرامة الإنسانية (فرداً وجماعة). وبهذا تتضح حكمة التشريعات الجزائية في الإسلام أيضاً.
فالقرآن الكريم يعتبر القصاص ضماناً للحياة الإنسانية إذ يقول: [وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ] (1).
يقول النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إنّ المعصيةَ إذا عَمِلَ بها العبدُ لم تَضرّ إلّا عامِلَها، فإذا عَمِل بها علانيةً، ولم يُغَيّر أضرّت بالعامة)).
ويضيف الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) بعد نقل هذا الحديث قائلًا: ((ذلك أنّهُ يُذلّ بعَملِه دينَ اللَّه، وَيَقْتدي به أهلُ عَداوةِ اللَّهِ)) (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة / 179.
(2) وسائل الشيعة: 11 / 407، (كتاب الأمر بالمعروف).
العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، الشيخ السبحاني، ص 37، 38