يحظى الإنسانُ - حسب رؤية القرآن الكريم - بكرامةٍ خاصّة إلى دَرَجةٍ أنّه أصبحَ مَسجوداً للملائكة كما قال تعالى: [وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا] (1).
وحيث إنّ جوهر الحياة الإنسانية يكمنُ في حفظ الكرامة والعزّة، لهذا منَعَ الإسلامُ من أيّ عمل يضرَّ بهذه الموهبة، وبعبارة أكثر وضوحاً؛ إن أيّ نوع من التسلّط على الآخرين وكذا قبول السلطة من الآخرين ممنوعٌ من وجهة نظر الإسلام منعاً باتاً، فلا بدّ أن يعيش المرء حُرّاً كريماً بعيداً عن أي شكلٍ من أشكال الصغار والذل.
قال الإمامُ أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (ولا تكُنْ عَبْدَ غيرِك وقدْ جَعَلك اللَّه حُرّاً) (2).
كما قال أيضاً: (إنّ اللَّه تبارَك وتعالى فَوَّض إلى المؤمن كلَّ شيء إلّا إِذلالَ نفسهِ(3).
ومن الواضح جداً انّ الحكومات الإلهيّة المشروعة لا تنافي هذا الأصل كما سيأتي توضيحه مستقبلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإسراء / 70.
(2) نهج البلاغة، قسم الكتب، الكتاب رقم 38.
(3) وسائل الشيعة: 11 / 424 (كتاب الأمر بالمعروف الباب 12، الحديث 4).
العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام )، الشيخ السبحاني، ص35 ،36