خطوات الأئمة (عليهم السلام) في توحيد الجهود من أجل خدمة الإسلام
2024-06-08

وقد ضرب أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) أروع الأمثلة في ذلك، فهذا الإمام علي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) حينما جانب الأولين، لتثبيت حقه الذي يراه لنفسه في الخلافة لما رأى الإسلام، قد تعرّض للخطر اضطر لمجاراة الأولين، والدخول في أمرهم، ودعمهم، حفاظاً على كيان الإسلام العام.

قال (عليه أفضل الصلاة والسلام): ((فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى ثلماً أو هدماً تكون‌ المصيبة به علي أعظم‌ من فوت ولايتكم، التي هي متاع أيام قلائل، ويزول منها ما كان ‌كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب. فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه)) (1).

وبقي بعد ذلك يمدّهم بصائب رأيه، وحسن تدبيره، حتى سارت‌ عجلة الإسلام، وخفقت ‌رايته، وعمت دعوته.

وغض الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليه) النظر عن موقف الأمويين من أهل البيت (صلوات الله عليهم)، ومن شيعتهم ومواليهم، وقسوتهم عليهم. ولم يبخل بدعمهم بصائب رأيه حينما رأى أن ‌في تسديدهم دعماً للإسلام، وذلك حينما أنتشل الحاكم الأموي من‌ موقفه الحرج أمام الروم في قضية الدراهم والدنانير، فأرشده لضرب الدراهم والدنانير على الطراز الإسلامي (2)، ليسد الطريق على الروم في محاولة فرض شروطهم.

وجاء الأئمة (صلوات الله عليهم) من ‌بعده ليؤكدوا أنه في الوقت الذي يحرم القتال مع سلطان الجور على حكمه، إلا أنه يشرع ‌الجهاد لحفظ بيضة الإسلام حينما يتعرض الإسلام للخطر.

ففي الحديث عن الإمام الصادق (صلوات الله عليه): ((قال: على المسلم أن‌ يمنع نفسه، ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله. وأما أن يقاتل الكفار على حكم الجور وسنتهم فلا يحل له ذلك)) (3).

وفي حديث آخر عن الإمام الرضا (صلوات الله عليه): ((قال: يرابط ولا يقاتل. وإن خاف‌ على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل، فيكون ‌قتاله لنفسه ليس للسلطان، لأن في دروس الإسلام دروس ذكر محمد (صلى الله عليه وآله) )) (4).

كما أكدوا (صلوات الله‌ عليهم) على حسن معاشرة الآخرين وجميل مخالطتهم ومراعاة حقوقهم ‌والتحبب لهم، وقد تقدم منا في آخر جواب السؤال الثاني ذكر بعض‌ الأحاديث الواردة عنهم في ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نهج البلاغة: 547 في كتابه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها.

(2) حياة الحيوان للدميري 114: 1 في مادة (أوز).

(3) وسائل الشيعة 19: 11 - 21 باب: 6 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه حديث: 3، 2.

(4) وسائل الشيعة 19: 11 - 21 باب: 6 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه حديث: 3، 2.



في رحاب العقيدة، ج ١، السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)، ص 245، 246