وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك ما يلفت النظر، ويكشف عن مثاليته العالية. فعن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن علي (عليه السلام): ((قال: إن يهودياً كان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنانير، فتقضاه. فقاله له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك. قال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني. فقال (صلى الله عليه وآله) إذاً أجلس معك.
فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة. وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه.
فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟! فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك. فقال (صلى الله عليه وآله): لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهداً ولا غيره.
فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد ان لا إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وشطرُ مالي في سبيل الله. أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة. وليس بفظّ ولا غليظ ولا صخّاب ولا متزين (مترين) بالفحش، ولا قول الخنا. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. وهذا مالي فاحكم فيها بما أنزل الله. وكان اليهودي كثير المال...)) (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمالي الشيخ الصدوق ص:551ـ 552 المجلس: 71 حديث: 6، واللفظ له مكارم أخلاق النبي والأئمة (عليهم السلام) ص: 74ـ 75. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ص:212. وفي الإصابة في تمييز الصحابة ج:2 ص: 128 في ترجمة حير نجرة الإسرائيلي باختصار.
خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، ص282، 283
آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)