عناصر الهوية الجنسية النفسية وأنواعها وفق الاتجاه الحديث
2024-05-27

لقد انتهى الأمر في ضوء ذلك كله إلى البناء على أن البعد الجنسي للإنسان يتمثل في عناصر متعددة ليست متجمعة بالضرورة وإن كانت مترابطة في كثير من الحالات:

 ١- الوضع الجسدي، بمعنى وجود الخصائص الجسدية للذكر أو الخصائص الجسدية للأنثى أو خصائصهما معاً أو فاقد لذلك كله.

والذي يكون واجداً للخصائص الجسدية للجنسين فإنه يمكن أن يكون على وجوه عديدة لأنه لا يكون واجداً لجميع الخصائص معاً، بل يأخذ من كلٍ بعضاً، وعليه يختلف البعض الذي يكون واجداً له من الخصائص الجسدية الذكرية والأنثوية.

٢ - الشعور النفسي للإنسان نفسه عن أنه ذكر أو أنثى، أو ذكر وأنثى معاً، أو هو

عديم الشعور بشيء من ذلك.

ومن يشعر عن نفسه بأنه ذكر أو أنثى يمكن أن يكون على وجوه مختلفة لأن الذكورة والأنوثة الاجتماعية تتمثل في مظاهر وسلوكيات مختلفة، ولا يمكن ان يكون الشخص جامعاً لجميع المظاهر والسلوكيات للجنسيات معاً للتضاد بينهما فيأخذ من هذا بعضاً ومن ذاك بعضاً، فقد يجعل شعره كالإناث وملبسه كالرجال وقد يفعل العكس وهكذا. ولذلك فإن الهوية الجنسية الاجتماعية سوف تكون على أنواع كثيرة للغاية.

3ـ الانجذاب الغريزي وهو - كما قيل - أمر وراء الشعور النفسي للإنسان عن جنسه، ولا ملازمة بين الأمرين فقد يكون انطباع الشخص عن نفسه أنه ذكر وهو ينجذب إلى الأنثى، كما هو المتعارف، أو إلى الذكر أو إلى كل منهما أو لا ينجذب إلى شيء منهما، فكل ذلك أمر جائز وواقع، وكذلك الحال فيمن يرى نفسه أنثى، أو يرى نفسه مزدوج الجنس، أو يرى نفسه عديم الجنس، فيجوز أن ينجذب إلى المغاير جسدياً أو إلى المماثل أو إلى كل منهما أو لا ينجذب إلى شيء منهما.

 ومن يميل إلى كل من الجنسين قد يكون على وجوه حسب النسبة المئوية لميله إلى كل من الجنسين، فهل هو بالتساوي أو بالتفاضل وكيف يكون ذلك.

٤ - السلوك الغريزي، وهو - كما قيل - أمر وراء كل ما تقدم حتى الانجذاب الغريزي، لأن من الجائز أن يكون الانجذاب وفق المتعارف إلى الجنس المخالف مثلاً، ولكن يكون التفضيل العملي للعلاقة الشاذة مع الجنس المماثل.

5 - سائر الميول والسلوكيات والأدوار التي تعتبر للذكر والأنثى من الزواج (1)

ورعاية الطفل وترتيب الشعر والملابس ووجوه الزينة والأعمال وغير ذلك.

وهكذا نلاحظ كيف أنه قد تم تفكيك الجانب الجنسي إلى عناصر خمسة على خلاف ما يشهده الوجدان الإنساني العام من أنّ هذه العناصر تكون مرتبطة ومتطابقة في الانسان المستقيم، وحالات الانفكاك بينها حالات شاذة وغير مستقيمة.


ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إنما ذكرنا الزواج في هذه الفقرة مع ذكر الرغبة الغريزية والسلوك الغريزي في الفقرتين السابقتين، لأن الزواج بين الرجل والأنثى تعاقد بين الطرفين على الاقتران، وذلك يعتبر وفق هذا الاتجاه عرفاً مستقلاً، فقد جرى العرف بتزويج الشخص من الجنس الآخر، وعليه من الجائز أن يتزوج الشخص من الجنس الآخر وإن لم يلائم ذلك رغبته وسلوكه الغريزي.





سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص58 ـ ص60 تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني