الصدق وابتناء الدين عليه من القرآن الكريم والسنة الشريفة
2024-05-13

الصدق. ووضوح وجوبه، وابتناء الدين عليه من القرآن الكريم والسنة الشريفة، يغني عن إطالة الكلام فيه، وقد تقدم بعض النصوص فيه.

وفي حديث سيف بن عميرة عمن حدثه عن أبي جعفر (عليه السلام): ((قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يقول لولده: اتقوا الكذب، الصغير منه والكبير، في كل جدّ وهزل. فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترى على الكبير. أما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صديقاً، وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذاباً)) (۱).

وفي حديث فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام): ((قال: إن أول من يكذّب الكذاب الله عز وجل، ثم الملكان اللذان معه، ثم هو يعلم أنه كاذب)) (۲).

وفي حديث عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): ((قال: إن مما أعان الله

(به) على الكذابين النسيان)) (۳).

كما لا إشكال في أهمية تحلي الداعية به في نجاح دعوته وتأثير كلامه في سامعيه. وكان ذلك من أظهر أخلاق النبي (صلى الله عليه وآله) التي عرف بها قبل بعثته وبعدها.

هذا ويحسن التنبيه لشيء. وهو أن صدق الداعية بوجهين: الأول: صدق اللسان المستكشف بظهور ما يخبر به ومطابقة خبره للواقع.

الثاني: قناعته بما يدعو إليه وتفاعله به، بحيث يتجسد في عمله وسلوكه ويضحي في سبيله. وهو الذي يشير إليه قوله تعالى عن شعيب (عليه السلام):

[وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ (4).

وغياب هذين الأمرين في الأعم الأغلب من الدعاة ذوي التأثير في الساحة على طول الزمن قد جرّ الويلات على العالم، وسار به نحو الدمار والإنهيار في الأخلاق والقيم، وما نتج عن ذلك من مآسٍ.

لأن غرض الداعية المعلن من أجل تكثير الأنصار وإقناع الناس بدعوته هو إسعاد الآخرين وتطبيق العدل فيهم. أما في واقع الأمر فكثيراً ما يكون غرضه تحقيق مطامعه الشخصية في السيطرة وحب الظهور مهما كانت النتائج. ويسلك في سبيل ذلك الطرق الملتوية وإن أدت إلى الإجحاف بالعامة وخسائرها المادية أو المعنوية بفقدها القيم والأخلاق الفاضلة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي ج ۲ ص ۳۳۸ كتاب الإيمان والكفر: باب الكذب حديث: ٢.

(۲) الكافي ج۲ ص: ۳۳۹ كتاب الإيمان والكفر: باب الكذب حديث: ٦.

(٣) الكافي ج: ٢ ص: ٣٤١ كتاب الإيمان والكفر: باب الكذب حديث: ١٥.

(4) سورة هود الآية: ۸۸.



خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، ص277 ــ ص279

آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)