خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في واقعة الغدير
2024-04-17

خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في المناسبة المذكورة فإن كثيراً من الأحاديث وإن لم تتضمن ‌التعبير بالخطبة، بل‌ اقتصر فيها على لفظ: (قال). إلا أن بعضها قد تضمن التعبير بالخطبة. كما في مسند أحمد (1) والسنن الكبرى للنسائي (2). وهو المناسب لما في بعضها من أنه قام فقال، وفي آخر من‌ أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال، ونحو ذلك. كما أنه المناسب لكثرة عدد الذين كانوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تلك الواقعة.

وعلى كل حال فقد اختلفت طرق الحديث في مقدار ما نقلته من كلام النبي (صلى الله عليه وآله). فاقتصر بعضها على قليل منه، وزاد بعضها على ذلك،

مع اختلافها في تلك الزيادات كثرة وقلة.

ولنذكر بعض تلك المتون..

فقد روي عن حذيفة بن أسيد أنه قال: ((لما صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من‌ حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهن فقمّ ما تحتهن من الشوك، وعمد إليهن فصلى تحتهن.

ثم قام فقال: يا أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أني يوشك ‌أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً.

فقال: أليس تشهدون أن‌ لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره‌ حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله ‌يبعث من في القبور؟

قالوا: بلى نشهد بذلك.

قال: اللهم اشهد.

ثم قال: يا أيها الناس، إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.

ثم‌ قال: يا أيها الناس إني فرطكم، وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم ‌قدحان من فضة. وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفة بيد الله، وطرفة بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض (1).

وقد زيد على ذلك في بعض طرق الحديث كما اقتصر على بعض ذلك في كثير من الطرق. والذي تكاد تجمع عليه الطرق‌ هو قوله (صلى الله عليه وآله) ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، أو: ((من كنت وليه فعلي وليه))، أو نحو ذلك.

ــــــــــــــــــــــ

(1)        ج 4 : 372 في ( حديث زيد بن‌أرقم ( رضي الله عنه ) ) . .

(2)        ج 134 : 5 كتاب الخصائص : : 100 الترغيب في موالاة علي ( رضي الله عنه ) والترهيب في معاداته ) .

(3)        المعجم الكبير 180: 3 في (حذيفة بن أسيد أبو سريحة الغفاري) فيما رواه (أبو الطفيل عامر ابن واثلة عن حذيفة بن أسيد)، واللفظ له/مجمع الزوائد 164: 9 - 165 كتاب ‌المناقب: باب في فضل ‌أهل البيت (رضي الله عنهم)/ تاريخ دمشق 219: 42 في ترجمة علي بن أبي طالب.




في رحاب العقيدة، ج ١، السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)، ص 206 ــ ص208