الأخلاق المادية
2024-04-13

من المعلوم أنّ المادّيين لهم مذاهب متعددّة ، والمعروف منها الشيوعيّة، حيث يرون كلّ شيء من خلال منظار المادّة، ولا يؤمنون باللَّه والمسائل الروحيّة والمعنويّة، ويقولون بأصالة الاقتصاد، ويعطون للتأريخ ماهيّةً ماديّةً واقتصاديةً، فكلّ شيء يؤدي إلى تقوية الاقتصاد الشّيوعي في المجتمع، فانّه يعتبر من الأخلاق أو على حد تعبيرهم : (كلّ شيء يعجّل في الثورة الشيوعيّة ، فهو الأخلاق)، فمثلًا المعيار الأخلاقي للكَذب والصّدق، يقاس بمدى تأثير ذلك السّلوك الأخلاقي على الثّورة، فإذا أدّى الكذب إلى التسّريع بالثورة فهو أمر أخلاقي، وإذا أضرّ الصّدق بالثّورة، فهو أمر غير أخلاقي !

والمذاهب الماديّة الأخرى كذلك، فكلّ مذهب يُفسّر الأخلاق حسب ما يرتئيه مسلكه، فالّذين يقولون بأصالة اللّذة، والاستفادة من اللذائذ الماديّة، لا يوجد شيء عندهم باسم الأخلاق، أو بالأحرى أنّ الأخلاق عندهم، هي الصّفات والأفعال الّتي تمهد الطّريق للوصول إلى اللذّة.

وأمّا الّذين أعطوا الأصالة للفرد والمصالح الشخصيّة، والمجتمع محترم عندهم ما دام

منسجماً مع منافع الفرد الشّخصية، (كما هو الحال في المذاهب الغربية الرأسمالية)، فهم يفسّرون الأخلاق بالأمور التي توصلهم إلى مصالحهم الماديّة والشخصيّة، ويضحّون بكلّ شيء لأجل هذه الغاية.



الأخلاق في القرآن، ج ١، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ص 49، 50