نحن نعتمد في أخذ العقائد والأحكام الدينية على حجتين إلهيتين هما: العقل والوحي.
وعمدة الفرق بين هذين هو أننا نستفيد من " الوحي " في جميع المجالات، بينما نستفيد من " العقل " في مجالات خاصة.
والمقصود من " الوحي " هو كتابنا السماوي " القرآن الكريم "
والأحاديث التي تنتهي أسنادها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فبما أنها تنتهي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتنبع منه، تسمى جميعها بالإضافة إلى أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) بالسنة، وتعتبر من الحجج الإلهية.
إن العقل والوحي يؤيد كل منهما حجية الآخر وإذا أثبتنا بحكم العقل القطعي حجية الوحي فإن الوحي بدوره يؤيد كذلك حجية العقل في مجاله الخاص به.
إن القرآن الكريم يقود - في كثير من المواضع - إلى حكم العقل وقضائه، يدعو الناس إلى التفكر والتدبر العقلي في عجائب الخلق، ويستعين هو كذلك بالعقل لإثبات مضامين دعوته، وليس ثمة كتاب سماوي كالقرآن الكريم يحترم المعرفة العقلية (والقضايا المدلل عليها بالعقل السليم). فالقرآن زاخر بالبراهين العقلية في صعيد العقائد، حتى أنها تفوق الحصر.
ولقد أكد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على حجية العقل وأحكامه في المجالات التي يحق للعقل الحكم فيها، حتى أن الإمام السابع موسى بن جعفر (عليه السلام) عده إحدى الحجج إذ يقول: "إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل الأنبياء والأئمة، وأما الباطنة فالعقول " (الكافي الأصول: ج 1، ص 16، الحديث 12).
العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، الشيخ السبحاني، ص18 ـ ص20