الفوارق السلوكية بين الرجل والمرأة
2024-04-02

والفوارق السلوكية بين الرجل والمرأة، وهي على أصناف ثلاثة:

 أ. فوارق في الأدوار التي يؤديها كل من الرجل والمرأة في النشاطات الغريزية والأسرية والإنجابية والاجتماعية.

ب. فوارق في الحركات التي تمثل طبيعة شخصية الإنسان، حيث إنها تختلف بين الذكر والأنثى.

ج. فوارق في المظاهر التي يظهر بها كل من الذكر والأنثى أمام الآخرين من حيث ترتيب البدن مثل مدى إطالة الشعر وترتيبه أو من حيث الكشف عن البدن وستره، أو من حيث طبيعة الملابس وخصوصياتها، حيث نلاحظ وجود فارق بين مظهر الجنسين نوعاً حتى في المجتمعات المهتمة بإلغاء فوارق الذكر والأنثى وإثبات مماثلتهما تماماً.

وهذه الفوارق السلوكية هي على أقسام متعددة:

 ١ - سلوكيات طبع عليها كل من الجنسين، فهي بنفسها جزء من فطرتهما والبرنامج المودع فيها، ويجري عليها الجنسان بشكل تلقائي من غير حاجة إلى حدوث استجابة نفسية خاصة نظير السلوكيات التي طبع عليها بعض الحيوانات في بناء مساكنها من غير أن تستحضر بالضرورة خوفاً على نفسها وعلى نتاجها.

۲ - سلوكيات طبيعية من جهة اختلاف الخصائص الجسدية بين الجنسين مثل حمل المرأة وإنجابها وارضاعها.

3- سلوكيات تصدر من الجنسين استجابة للميول النفسية المختلفة التي زودا بها من مستوى الحياء والميل إلى إبراز الجمال والذوق الجمالي ونحو ذلك، فالمرأة حيث كانت أشد حياء من الرجل تصدر منها سلوكيات تمثل ذلك لن يصدر مثلها من الرجل، كما أنها حيث كانت بفطرتها أميل إلى إبراز جمالها تصدر منها أفعال

وتصرفات تمثل ذلك لن يصدر مثلها من الرجل طبعاً. فهذه السلوكيات ذات أصول فطرية، ولكن قد تتدخل الأعراف الاجتماعية في كيفية إبرازها والتعبير عنها، مثل اختلافها في أسلوب ستر المرأة الذي ينشأ عن صفة الحياء أو عن أسلوب تجملها الذي ينشأ عن صفة حب الجمال.

ومن الميول المؤثرة في اختلاف سلوكيات الجنسين هو حب التميز فالرجل والمرأة يرغبان في مظاهر فارقة تعرف جنسهما فلا يرغبان أن يظهرا بمظاهر لا يتميز

صاحبها أنه ذكر أو أنثى. وذلك أمر يتمثل في عامة المجتمع البشري، وهذا الميل

يؤدي إلى العديد من الاختلافات التي نشهدها لديهم في المظاهر، فهي تنطلق في مبناها - أو في جزء من مبناها - إلى حب تميزهما عن الآخر، وهو مما يختلف باختلاف

الأعراف.

٤ - سلوكيات تكون استجابة لرغبة الآخر، والتقرب إليه حيث إن من الملحوظ

مثلاً أنّ الأنثى معنية بسلوكيات توجب إغراء الرجل فيوافق ذوق الرجل في ما يجب أن يراها عليه، كما أن الرجل قد يعنى بسلوكيات توجب تقبل المرأة له، وذلك أمر

قد تختلف الأعراف في بعض تمثلاته وتفاصيله.

ه - سلوكيات تقتضيها الأعراف الاجتماعية التي تلائم الزمان والمكان والبيئات الخاصة وهي عموماً تأتي تحرياً لما هو الأكثر ملاءمة لطبيعة الجنسين ومظهرهما أو

صلاحهما .

وبهذا العرض يتضح أن السلوكيات العامة المشتركة بين المجتمعات البشرية الفارقة بين الجنسين تمثل لأمور فطرية للجنسين، كما أن السلوكيات الخاصة ببعض المجتمعات ذات مناشئ متفاوتة فمنها ما يكون تمثلاً لأمور فطرية بنحو ما أيضاً، ولكن تختلف لدى الأقوام لأن كلاً يترجمها ويعبر عنها بطريقة تلائم ذوقه ومزاجه وخصائصه وبيئته، كما أن منها ما يكون تحرياً لما هو الأصلح للجنس أو للأسرة أو للمجتمع العام مما يمكن أن يختلف باختلاف الزمان والمكان والبيئات الاجتماعية.

فهذه هي ما تجري عليه الرؤية العقلائية والفطرية العامة.

 وعلى هذه الرؤية تؤكد النصوص الدينية ويرتكز عليها تشريعاتها في شأن الجنسين، فهي تقدر الاختلاف بين تكوينهما الجسدي والنفسي وما يترتب عليه من السلوك الملائم في الحياة العامة والمشتركة للجنسين، كما قال سبحانه:[ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى](1)، [وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ] (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة آل عمران: 36.

(2) سورة النساء: 32.



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص45- ص47

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني