علاقة الأخلاق بالعِرفان
2024-01-09

أما بالنسبة لعلاقة (الأخلاق) بـ (العرفان) و (السير والسلوك إلى الله)؛ فيمكن القول أنّ العرفان أكثر ما ينظر للمعارف الإلهية، ولكن ليس عن طريق العلم و الإستدلال، بل عن طريق الشهود الباطني، بمعنى أن قلب الإنسان يجب أن يكون كالمرآة الصافية، لدرجةٍ يستطيع فيها أن يرى الحقيقة لتزول عنه الحجب، وليرى بقلبه الذّات الإلهية وأسمائه وصفاته، ومنها يصل إلى العشق الإلهي الحق.

 وبما أن علم الأخلاق، له اليد الطُولى في المساعدة على دفع ورفع الرذائل، والتي هي بمثابة الحجب على القلوب، فمن البديهي أن تكون الأخلاق من أسس ومقدمات العرفان الإلهي.

وأما ((السير والسلوك إلى الله))، والذي يكون هدفه النهائي هو معرفة الله والقرب منه، فهو في الحقيقة مجموعة من ((العرفان)) و ((الأخلاق))، فما كان من ((السير والسلوك الباطني))، فهو نوع من ((العرفان))، الذي يوصل الإنسان يوماً بعد يوم للذات الإلهية، ويرفع عن قلبه الحجب والأدران، ويمهد الطريق إليه، وما كان من ((السير والسلوك الخارجي)): فهو نفس الأخلاق التي تهدف لتهذيب النفوس، وليس فقط لأجل الحياة المادية المرفهة.


الاخلاق في القرآن/ ج1/ أصول المسائل الاخلاقية، ص17، 18

آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي