حاجة الإنسان إلى تعيين الهوية الجنسية الاجتماعية منذ الولادة
2024-01-08

أن عمق مسألة الذكورة والأنوثة في حياة الإنسان لهو أمر يقتضي أن يحدد جنسه منذ الولادة في المستوى الأسري والاجتماعي مضافاً إلى المنظور الطبي، بينما اختيار الهوية الجنسية إذا فرضنا انفصالها عن الخصائص الجسدية يتعلق بمرحلة متأخرة من العمر وذلك عند البلوغ والرشد، وهذا بطبيعة الحال يوجب مفارقة نفسية واجتماعية للطفل، إذ تقرر انطباعه النفسي والاجتماعي عن نفسه على الجنس الجسدي إلى أوان البلوغ، ثم يفترض به أن يختار لنفسه بعد البلوغ هوية جنسية حسب ما يشاء سواء وافق جسده أو لا، فلو اختار غير جنسه الجسدي سوف يجد أنه يواجه كل ما ارتكز في نفسه وفيما حوله عن هويته، ويمثل ذلك صدمة له

بيان ذلك: أن الطفل منذ ولادته يتم تعيين جنسه ومعرفته من قبل الوالدين والأسرة والأقارب والزملاء والأصدقاء وسائر من يعرف الوالدين، ويُعنى الوالدان بذلك بشكل خاص إذ لا بد لهما من أن يسميا الطفل باسم مذكر أو مؤنث، وهو يكون مصدراً لكنيتهما في الأعراف العربية، كما أنهما لا بد أن يختارا له ملابس الذكر أو الأنثى، وقد يشتريان له الألعاب الملائمة مع جنسه.

 ثم إن الطفل نفسه بعد اكتساب شيء من الوعي سوف يلتفت إلى جسده وجنسه من خلال مقاربة نفسه مع سائر الأولاد وسؤاله حول ذلك.

وعندما يبلغ الطفل مرحلة المراهقة فإن حالة الذكر والأنثى ستختلف جسدياً، إذ الأنثى تبلغ نوعاً قبل الذكر وبعلامات جسدية مختلفة، ويكون لكل منهما خصائص في هذه المرحلة الحساسة والتي يلاحظها الوالدان.

وعليه فهو عندما يريد أن يختار هويته لنفسه يكون قد عاش فترة غير قصيرة على أساس هوية جنسية اجتماعية له وفق خصائصه الجسدية، فلو كان له أن يختار هوية مغايرة له، فإن ذلك يعني تحوله من هوية عاشها وعايشها نفسياً واجتماعياً إلى هوية أخرى جديدة، وذلك أمر غير ملائم جداً من المنظور النفسي والاجتماعي.

فهذا الأمر منبه واضح على أن تبعية الهوية الجنسية للخصائص الجسدية هو الموافق لما فطر عليه الإنسان والملائم مع الحاجة الفطرية منذ الولادة إلى تحديد هويته الجنسية الاجتماعية.



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 2، ص51 ـ ص53

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني