المقاييس التي تقضي بالحالة المستقيمة وشعور الانسان بجنسه وفق ما يتمثل في جسده
2023-11-27

١ - أما مقياس سلامة الإدراك فلأنّ انطباع المرء عن جنسه على خلاف جسده يجعل (الأنوثة والذكورة) كلمتين فارغتين عن أي معنى مفهوم بتاتاً، فليس هناك أي معنى لقول الإنسان الذكر جسدياً إنّه يجد نفسه أنثى ويجد أن جسده الذكري جاء على وجه الخطأ، إذ ليس هناك معنى للأنوثة التي يشير إليها، فهو تماماً كالذي يقول إنه يجد نفسه أباً لفلان من غير أن يكون قد أولده أو ابناً له من غير أن يكون قد تولد منه، وهل للأبوّة والبنوة معنى غير الانتماء الجسدي إلى آخر (نعم، قد ينزل غير الابن منزلة الابن وهو ما يعبر عنه بالتبني، إلا أن ذلك على وجه التخييل والتنزيل، وليس ذلك مقصوداً، وإنما الذي فرضناه أن يقول الإنسان إنّه يجد نفسه أباً أو ابناً لآخر - من غير انتماء جسدي - على وجه الانتماء الحقيقي دون التنزيلي).

2- وأما مقياس سلامة الجسد: فلأن الحالة الجسدية للذكر والأنثى التي تشتمل على الخصائص الجسمية العضوية والخلوية والهرمونية والوظيفية الكاملة هي حالة جسدية سليمة بالبداهة فهي ليست حالة مشوّهة بتاتاً، ومن المعلوم أن الخصائص التشريحية والوظيفية لهذه الأعضاء والجوارح تقتضي انطباعاً ملائماً لها، إذ صاحب الانطباع المغاير عن نفسه يكره هذه الخصائص ويسعى إلى قطعها وتعطيل وظيفتها ما تيسر له ذلك وهو سعي إلى الإخلال بالسلامة الجسدية طبعاً، فلا يكون هذا الانطباع الملح الداعي إلى الغاء هذه الأعضاء والوظائف انطباعاً مستقيماً طبعاً وفق الفهم الوجداني والعقلائي ومعطيات العلوم ذات العلاقة كالأحياء والتشريح وعلم وظائف الأعضاء.

3 - وأما مقياس السلامة النفسية والسلوكية : فلما ذكرناه في مقياس السلامة الجسدية الآن من أن المفروض وفق الإدراك العقلاني العام ومعطيات علوم الأحياء والتشريح ووظائف الأعضاء والنفس هو ملاءمة الجوانب الجسدية والنفسية لأنّ الجسد والنفس كل لا يتجزأ ، فأي تناقض متجذر يمثل اضطراباً وخللاً لا محالة، وعليه فإن من يرى جنسه مغايراً لجسده فإنّه لا بد أن يكون هناك خلل خلقي في جسده أو نحو من الاضطراب النفسي، ومن المعلوم أنّ البعد الجسدي الكامل من حيث الأعضاء ووظائفها هو بعد عيني مشهود، يسير منذ نشأته في مسار محدد ظاهر.

4- وأما مقياس سلامة الأخلاق: فلأنا نجد من خلال الوجدان العقلاني العام أن من اللائق بالإنسان أخلاقياً أن يعفّ عن السلوكيات الغريزية الخاصة للجنس الآخر، إذ التأصيل الفطري العام في النفس الإنسانية (كما تقدم بيانه في المدخل) العفاف عن أي سلوك غريزي والاستحياء منه عدا ما أودع في فطرته الجسدية والنفسية من التكامل مع الجنس المغاير، وعليه فإنّ السلوك المماثل لسلوك الجنس المغاير - الذي يدعو إليه الانطباع المغاير عن الجسد - سلوك خاطئ من المنظور الأخلاقي ومشمول بأصل العفاف والحياء العام.

ه - وأما مقياس الحكمة والصلاح الخاص والعام فهو أيضاً يقتضي تقبل الإنسان لنفسه كما هي، فإنّه هو الملائم لصلاحه النوعي، وتقبل انطباع الإنسان عن جنسه على خلاف جسده مجافٍ للحكمة الراشدة المبنية على رعاية الصلاح الشخصي والعام وفق السنن النفسية والاجتماعية لمفاسده العديدة في البعد الجسدي والنفسي والاجتماعي والنوعي، ومن مفاسده الاجتماعية غياب الميز بين الجنسين (بحسب الجسد) اجتماعياً.







سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 2، ص17 ـ ص20

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني