الاتجاه الحادث من فصل الهوية الجنسية عن الخصائص الجسدية
2023-11-13

إنّ الإنسان لا يولد بالفطرة ذكراً ولا أنثى (وهناك من يعبر في هذا السياق بدلاً عن الذكورة والأنوثة بالرجل والمرأة على أساس أنّ الذكورة والأنوثة تعنيان الجانب الجسدي والرجل والمرأة يعنيان الجانب الجنسي الاجتماعي) لمجرد خصائصه الجسدية البيولوجية، وإنما يكتسب هوية الذكورة والأنوثة من خلال البيئة والتربية والعوامل الاجتماعية والرغبات الشخصية، ومن الممكن تربية من هو جسداً ذكراً على أن يكون له شخصية أنثوية، كما يمكن أن يُربى من هو أنثى جسداً على أن تكون لها شخصية ذكورية، ولا أهمية للخصائص الجسدية في الهوية الجنسية الداخلية حسب مزاعم أصحاب هذا الرأي وفق مقتضيات علم النفس الحديث. وقد اشتملت هذه النظرية على مبدأين مترابطين معاكسين للمبدأين المتقدمين في الاتجاه الفطري العام:

1. مبدأ فردي وهو تبعية الهوية الجنسية للإنسان لانطباعه عن جنسه وإن كان ذلك على خلاف جسده، كأن يرى الذكر جسدياً نفسه أنثى فتكون هويته الأنوثة، وترى الأنثى جسدياً نفسها ذكراً فتكون هويتها الذكورة.

٢. مبدأ اجتماعي وهو القبول بأن يتظاهر كل من الجنسين وفق انطباعه عن

جنسه بمظهر الجنس الآخر، فيتزيّا الذكر الذي يفترض نفسه أنثى بزي الأنثى وتتزيّا الأنثى التي تفترض نفسها ذكراً بزي، الذكر، مما يؤدي إلى عدم إمكان الفرز بين

الجنسين - جسدياً - من خلال مظاهر هما عموماً.

ولمزيد إيضاح هذا الرأي ينبغي الالتفات إلى عدة أمور:

١ - إنّ الهوية الجنسية وفق هذا الافتراض حسب التقرير السائد أخيراً هي أمر

اختياري وليس قهرياً، فهناك دواعٍ نفسية شخصية واجتماعية تؤثّر في قرار الإنسان أن يكون ذكراً أو أنثى كما هو الحال في سائر أفعال الإنسان التي لا تخلو عن دواعٍ

تدعوه إليها، لكنّه حرّ في قراره أن يكون ذكراً أو أنثى.

 ٢ - إنّ الهوية الجنسية في تصوّر هؤلاء أو فريق منهم كما لا ترتبط بالخصائص

الجسدية فإنّها لن ترتبط بالضرورة باتجاه الميل الغريزي ولا السلوكيات الغريزية بل بالأدوار والمظاهر الاجتماعية، فمن الجائز بل من الواقع خارجاً مثلاً أن يكون الشخص أنثى بحسب الجسد، وهو يميل غريزياً كالإناث إلى الذكور لكنه يقول عن نفسه إنّه ذكر ويلبس أزياء الرجال، وكذلك يجوز أن يكون ذكراً بحسب الجسد وهو يميل غريزياً إلى الإناث لكنه يقول عن نفسه إنّه أنثى ويلبس ويتزيّن كما تفعل النساء.

٣- إنّ الهوية الجنسية المفترضة على خلاف الوضع الجسدي ليست مشروطة بسعي الشخص إلى إزالة الخصائص الجسدية لجنسه الجسدي بالجراحة وإيجاد مظاهر صورية للجنس الذي يهواه بمعونة تزريق الهرمونات الملائمة والعمليات التجميلية، بل يمكن أن يبقي الشخص وضعه الجسدي على ما كان حذراً من أضرار هذه العمليات أو خشية أن يعود عن بنائه على التحول عن جنسه الجسدي، أو لغير

ذلك.

4 ـ الهوية الجنسية للإنسان وفق هذا الافتراض ليست ثابتة بالضرورة، بل يجوز

أن تكون متغيّرة كما نلاحظ أنّ بعض الإناث يغيّرن هويتهنّ الجنسية في عمر متأخّر مثل بلوغ سن اليأس فيخترن أن يكن ذكوراً، وقد يغيّر بعض الذكور هويته الجنسية

كذلك بعد أن اختار الذكورة لمدّة غير قصيرة وفقاً للخصائص الجسدية الذكورية.

وليس هناك تحديد زمني لتغيير الهوية الجنسية، فمن الجائز تغييرها كل فترة حتى

وإن كانت قصيرة، فذلك أمر اختياري للإنسان.





سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 2، ص8 ــ ص11

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني