- ومرت السنون سراعاً وقد استعرت الدنيا نار الحرب العالمية الثانية ثم ما بعدها من حروب وادلهمت الخطوب، وعشناها أياماً مريرة وعسيرة، خشية معتد غاشم وسطوة حاكم ظالم [كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا] (الأعراف: 38) وما أن أُطيح أخيراً بالصنم، حتى ازداد الخطب والليل ادلهم، فرج الله عن المؤمنين بظهور المصلح المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والممتثلين لأوامره والمستشهدين بين يديه، كما في دعاء العهد.
- لقد وُفقت لتأليف عدة كتب، كما وفّقت لتقديم عدة كتب من تآليف الآخرين، وعربّت كتاباً وبعض الفصول من كتب فارسية.
- ولي بحوث في شتى فنون المعرفة من فقه وتفسير وحـديث ورجال
وتاريخ وأنساب وآداب.
- لقد حاولت بقدر ما وسعني أنّي ما أضعت عمري فيما لا ينفعني حسب نظري، فلم أدخل في السياسة مطلقاً، ولا انتميت إلى أيّ حزب مهما كان الشعار براقاً والبرقع شفّافاً ولا إلى أيّ جمعية أو مؤسسة أيضاً، إيماناً عميقاً بصحة ما في أوّل الصحيفة السجادية من قول الإمام الصادق الله (عليه السلام): (ما خرج ولا يخرج منا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحدٌ ليدفَعَ ظلماً أو يُنعش حقاً إلا اصطلمته البلية وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا). وفي التاريخ شواهد كثيرة على صحة ذلك.
ـ وأقمت حياتي وقومتها - وليس من الغرور العلمي ولا التباهي ـ لو تحدثت فقلت إن تجربتي في الحياة كانت ناجحة ونافعة فيما رأيت خير نهج لحياة طالب العلم أن يستقيم، معتمداً على الربّ الكريم الرحيم، وينصرف مكباً على درسه وكتابه ولا يتمنى بلوغ الغاية من دون سلوك الطريق الموصل إليها.
والعلم ليس حكراً على قوم دون قوم، ولا حصراً في فئة، ولا وراثة في الحياة، يورثها الآباء إلى الأبناء، فكم من عصامي ساد العظاميين بعلمه.
ـــ ولقد كانت تمر بي خواطر وخوالج فأفزع إلى التنفيس عن نفسي من ضغطها بنظم قد لا يكون خاضعاً لبحور العروض، ولكنه على كل حال فهو معبّر حالة فيها تسجيل موقف، وقد تجمّع من ذلك ما سميته ديواناً.
ـ ولقد أنعم الله عليَّ فهداني إلى سواء الصراط، فلم أرغب في حبّ الظهور ولا تباهيت بالغرور، ولولا أن التحدث بنعمة الله تعالى مأمور به فقال تعالى: [وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِتْ) (الضحى: 11) لما ذكرت كثيراً مما مرّ ممّا يوحي بحبّ الذات وطموح النفس، ورحم الله البوصيري إذ يقول:
والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم ـ ومن نعم الله تعالى عليّ أن انصرفت إلى جانب البحث والتحقيق والتأليف، وفي ذلك تعويض خدماتي للناس عمّا يقوم به الغير في صراط تفعيل العلم في جهات أخرى، ربّما تكون المسؤولية الشرعية فيها أكبر وأخطر.
- ومن نعم الله عليَّ تمكنت من ضبط هواي من الاندفاع وراء مغريات في الحياة كثيرة أتيحت لي فرصتها ، فأعرضت عنها خشية السقوط وسوء العاقبة
وسوء الحساب.
وحسبي بهذا أكتفي، وفيما أظن أني عرضت صفحة من العمر كما عشتها من دون تزويق وأنا في نهاية الطريق، وحسبي بما عرضت صورة صادقة فيما حسبت، ربنا لا تؤاخذني إن نسيت أو أخطأت.
كتب تراثية (الجزء الأول)، ص7، 8
تأليف: المرحوم آية الله السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان