تعدد أطياف المجتمع الإمامي
2023-06-07

تعدد المجتمع الشيعي الإمامي إلى أطياف مختلفة ليست ذات لون واحد كما في بعض فرق الغلاة والحركات الثورية. ورغم وجود هذا الاختلاف بين أطياف المجتمع الشيعي إلا أننا نرى اتفاقهم جميعاً على مبدأ اصطفاء أهل البيت (عليهم السلام).

 ومن المعلوم أن حالة كهذه يمتنع معها الاتفاق على أمر مختلق كمسألة اختلاق ولد موهوم للإمام العسكري (عليه السلام)، وإنما يتأتى ذلك من جماعة ذات لون واحد كما هو حال بعض الفرق من الغلاة والمبتدعة.

هذا، وقد كان الاختلاف بين أطياف الشيعة قائماً منذ عصر الصادق (عليه السلام)، وهو العصر الذي تفتقت فيه العلوم عندهم، حيث نجد اختلافهم المعرفي في عدة حقول، كاختلافهم في ما يتعلق بالأمور العقائدية، إذ كان فيهم قسم من المتكلمين من أصحاب التفكير العقلي، كما كان فيهم قسم آخر من المتكلمين من أصحاب الظاهر والحديث.

وكذلك كانوا في الفروع فئتين رئيستين ...

 ۱ - المقتصرين على الفروع المنصوصة، وهؤلاء على درجات مختلفة في نقد الحديث والتوسع فيه، فمنهم المتشددون في الأخذ بالحديث، ومنهم المتوسطون، وقسم ثالث وهم المتوسعون في الأخذ بما يُروى.

 ٢ - المستنبطين للفروع غير المنصوصة، وهم على مراتب مختلفة، فمنهم المبالغ في الاستنباط حتى اتهم بعضهم بالقول بالقياس، ومنهم من هو دون ذلك وهم جماعة كثيرة يجري بينهم الخلاف والبحث العلمي على أشده، ويخطئ بعضهم بعضاً.

علماً أن المتكلمين منهم وخاصةً (البغداديين) كانوا أصحاب بحث ومناقشة في المباحث الاعتقادية ولا يقتنعون بسهولة، وقد صدر من جماعة منهم كالشيخ المفيد والسيد المرتضى نقد شديد لجماعة من أهل الحديث كما هو معروف.

كما أن جماعة من المحدثين كانوا شديدي النقد لجماعة من المتكلمين، حتى جاء أن وفداً من أهل البصرة دخلوا على الرضا (عليهم السلام) وأكثروا من الوقيعة في يونس - وهو من جملة أصحابه المتكلمين الذين كانوا يدافعون عن الاتجاه الإمامي آنذاك - فلم يجبهم (عليهم السلام) حتى لا يحملهم ما لا يحتملونه.

ومن غير المعقول إيمان هؤلاء الجماعة جميعاً بإمام موهوم لا أثر لولادته أصلاً.



منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي (عليه السلام)، ج١، ص148، 149

السيّد محمّد باقر السيستاني