تعقد الأمور في شعب الجزيرة العربية
2023-06-06

ويزيد الأمر تعقيداً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينشر الإسلام بهذه السعة وبهذه السرعة إلا بعد صراع مرير وحروب وتر فيها الأقربين والأبعدين.

ولاسيما قريش التي كانت قبل النبوة تحسد بني هاشم على ما كانوا يتميزون به من صفات حميدة ومواقف نبيلة فرضوا بها احترامهم عليها وعلى العرب كافة.

ثم صارت فيهم النبوة التي هي: أولاً : شرف لا يعدله شرف، ثم تقضي - بمقتضى الوضع الطبيعي مع قطع النظر عن التشريع - بثبوت السلطة فيهم ووجوب الطاعة لهم.

 وثانياً: تقضي على امتيازات قريش، لأنها تبتني على إلغاء كل امتياز بين المسلمين سوى التقوى كما تقدم.

حتى إن أبا سفيان لما مرّ بعد إسلامه - بالوجه المتقدم والمعروف - على سلمان الفارسي وجماعة من السابقين للإسلام، فقالوا: لم تأخذ سيوف من عدوّ الله مأخذها . قال لهم أبو بكر: أتقولون هذا الشيخ قريش؟! ولما بلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأبي بكر معاتباً: لعلك أغضبتهم. وأمره باسترضائهم (صحيح مسلم ج: ۷ ص: ۱۷۳ باب فيما جاء في فضائل سلمان وصهيب وبلال. مسند أحمد ج:5 ص : ٦٤ باب في حديث عمرو بن . عائذ. شرح نهج البلاغة ج: ١٨ ص : ٣٨ في كتاب له (عليه السلام) إلى سلمان قبل أيام خلافته وغيرها من المصادر الكثيرة جداً).

وفي حديث سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): ((قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمان (رحمه الله)، فقال له عمر: ما نسبتك أنت يا سلمان وما أصلك؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالاً فهداني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، فهذا حسبي ونسبي يا عمر، ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذكر له سلمان ما قال عمر وما أجابه. فقال رسول الله: يا معشر قريش، إن حسب المرء دينه، ومروءته خلقه. وأصله عقله. قال الله تعالى: [يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْتَكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلَنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتَقَكُم].

ثم أقبل على سلمان (رحمه الله)، فقال له: يا سلمان إنه ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه(أمالي الشيخ الطوسي: 147 المجلس: 5 حديث: 54).





خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) ص166ـ ص168

اية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)