وهذا موضوع مهم، وذلك لأنّ الفهم المسترسل لمن خوطب بهذا الخطاب في زمانه يمثل علامة حقيقية على مدلول الخطاب؛ لأنّه يَسْلَم من التأثر بالشوائب المستجدّة والمتكلّفة المؤثرة سلباً على فهم الخطاب.
والواقع أن الشواهد المأثورة عن فهم أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة الشهود على واقعة الغدير - على قلّةٍ في بعض أقسامها، وذلك أمر متوقع في شأن هذه الواقعة كما سيأتي وجهه - تدلّ وتلائم أنّهم فهموا من الولاء للإمام (عليه السلام) معنى يزيد على الولاء العام بين المؤمنين، أو ولاء المحبة والمودة للإمام (عليه السلام).
ويحسن الالتفات:
أولاً: إلى أنّ فهم هؤلاء لهذه الواقعة لا يتمثل حصراً في خصوص ما تضمن ذكرهم لحديث الغدير كما يُظنّ في بادي النظر، بل يتمثل أيضاً في أقوالهم في حق الإمام (عليه السلام)، حيث نجد أن بعضهم يصفه بوصي النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنه يدل دلالة غير مباشرة على تنصيص عليه (عليه السلام) بوصيّة من النبي (صلى الله عليه وآله)، وليست هناك من وصية معلنة للنبي (صلى الله عليه وآله) عدا خطبة الغدير التي سبق منا بيان أنها وصيته بالأمر إلى الإمام (عليه السلام) كما أنها وصيّة إلى الأمة.
وكذلك يتمثل في مقتضى سيرتهم وعملهم في مسألة استحقاق الإمام وأهل البيت (عليهم السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنّه أيضاً يدلّ على الاعتقاد بتعيينه (عليه السلام) لهذا الأمر، ولم يتم ذلك إلا من خلال واقعة الغدير .
وعليه: فإنه يمكن تبين فهم أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة لواقعة الغدير بأساليب ثلاثة:
١. ما تضمن ذكرهم لحديث الغدير على وجه يعبّر عن فهمهم ولاية الأمر منها.
٢. أقوالهم في شأن الإمام (عليه السلام) بما يقتضي أنه وصي النبي (صلى الله عليه وآله) للأمر من بعده.
3. مقتضى سيرتهم وعملهم في مسألة استحقاق الإمام (عليه السلام) لتولي الأمر بعد النبي (صلى الله عليه وآله).
وهنا نقاط أربع:
١ - فهم الإمام علي (عليه السلام) لواقعة الغدير .
٢ - ما ورد عن سائر أهل البيت (عليهم السلام).
3- ما ورد عن سائر بني هاشم.
٤ - ما ورد عن الصحابة عند واقعة الغدير.
واقعة الغدير ( (2) ثبوتها ودلالاتها)، ص43، 44
السيد محمد باقر السيستاني