استقرار جمهور الشيعة على المذهب بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)
2023-05-14

استقرار الجمهور الشيعي عموماً على هذا المذهب حتى بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) وحتى في عصر الغيبة الصغرى، وهو عصر نواب الإمام المهدي (عليه السلام)، ثم الغيبة الكبرى بعد انقطاع النيابة.

وهذا الأمر إن دلّ على شيء فإنما يدل على وجود دليل موضوعي ومقنع للإمامية بمختلف فئاتهم وأقسامهم، إذ لو انقطعت الإمامة حقاً لانشق المجتمع الشيعي إلى أقسام متعددة، وارتد كثير منهم عن هذا المذهب وتحولوا عنه إلى مذاهب أخرى، لتبين عدم دوام عقيدة الاصطفاء في أهل البيت (عليهم السلام) حقيقةً.

 وطرح أمرٍ تمّ اختلاقه لن يوجب قناعة هذا المجتمع، لأن أساس دخول جمهور الشيعة في هذا المذهب قائم على فكرة اصطفاء أهل البيت (عليهم السلام)، وعلى أساس اختيار أشخاص معينين واحداً بعد آخر، وفي حال انقطاع الإمامة واختلاق شخص غائب لا يشهده الناس وطرحه كإمام لتستمر به السلسلة المعهودة فإن من الطبيعي أن يرتد وسط واسع عن هذا المذهب إلى سائر المذاهب الشيعية أو غيرها في الأصول والفروع.

بل من المتوقع في مثل هذه الحالة أن ينقرض هذا المذهب تماماً، كما انقرضت سائر الفرق السابقة - وهي بالعشرات - التي ادعت غيبة أئمتها ولم يعد هناك خلفاء محدّدون لهم، مثل الفرقة التي ذهبت إلى مهدوية ابن الحنفية وغيبته، وعُرفت بالكيسانية، والفرقة التي ذهبت إلى غيبة الإمام الكاظم (عليه السلام) بعد سجنه واستشهاده في بغداد وتُعرف بالواقفية، إلى غيرها من الفرق الأخرى.




منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي (عليه السلام)، ج١، ص 133، 134

السيّد محمّد باقر السيستاني