دفع دعوى أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في تقية
2023-05-11

لكن من الظاهر أن المسلمين الذين عاصروا النبي (صلى الله عليه وآله) وعاشوا معه كانوا بعد وفاته على علم بأنه (صلى الله عليه وآله) لم يفارقهم حتى أوضح لهم أمر الخلافة وعين الخلفاء من بعده، إلا أنهم فريقان:

الأول: من تغافل عن ذلك وتعمّد الخروج عنه بالقهر والمغالبة، ثم ادعى عدم نصه (صلى الله عليه وآله) على ذلك، ليبرر موقفه، وكانت الغلبة له.

وعلى عهده تمت الفتوح وكسبوا الغنائم الكثيرة، وتتابعت انتصاراتهم، واتسعت رقعة الإسلام، ودخل الناس فيه أفواجاً. وكان ذلك سبباً لفرض ذلك الواقع على أنه هو الإسلام الحق، ولاحترام قياداته والإعجاب بإنجازاتها.

ولاسيما مع تركيز السلطة على احترام الصحابة، وحسن الظن باختيارهم وإقرارهم المزعوم لما حصل.

كما كان ذلك سبباً لغفلة جمهور المسلمين ممن لم يعايش النبي (صلى الله عليه وآله) عن السؤال عن سبب إهمال النبي (صلى الله عليه وآله) أمر الخلافة وبيان ضوابطها، مع ما له من الأهمية الكبرى في مصير الإسلام على الأمد البعيد.

وبسبب غفلة جمهور المسلمين المذكورة نسبت الانتكاسة في أيام عثمان له بشخصه، لضعف إدارته، وسوء تصرفه وتصرف بطانته وخاصته، من دون أن يثير التساؤل عن وجه إهمال النبي (صلى الله عليه وآله) أمر الخلافة من بعده.

الفريق الثاني : من كان على بصيرة من عدم شرعية ما حصل، وتوقع النتائج المريعة له على الأمد البعيد. ولهم في ذلك تصاريح مختلفة.

منها قول الصديقة فاطمة الزهراء سيدة النساء (عليها السلام) في خطبتها الكبرى بعد أن تعرضت لأهمية القرآن المجيد وأنه عهد الله تعالى قدمه إليهم قالت في بيان ما تضمنه: فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك... وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً للفرقة...)).

ثم ذكرت موقف المنحرفين بعد النبي (صلى الله عليه وآله) واستماعهم لهتاف الشيطان، وقالت: ((ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير مشربكم. هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة، [أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَفِرِينَ]. فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه، زاهرة وأعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة. وقد خلفتموه وراء ظهوركم. أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون [وبئس لِلظَّالِمِينَ بَدَلا] [وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَسِرِينَ (الاحتجاج ج:1 ص:131 لاحظ فاجعة الطف ملحق :1 ص: 595 وما بعدها) .





خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) ص155 ــ ص157

اية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)