تحري تعاليم العفاف لصلاح المرأة بشكل خاص
2023-03-18

إنني عند التأمل عندما أنظر إلى العديد من تعاليم العفاف والأسرة في الفطرة والدين والابعاد التي تنطوي عليها والآفاق التي تنظر إليها أجد أنها رغم أن بعضها يمثل قيوداً على المرأة إلا أنها تكون في صالح المرأة العفيفة بشكل أكبر بالنظر إلى الآثار المترتبة عليها والأبعاد المنظورة بها، وكأن إلى هذا المعنى أشير في الآية القرآنية الكريمة التي أوصت المرأة بالحجاب لأن (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) (سورة الأحزاب: 59).

على ان ما جاء في الدين من إيجاب العفاف على الرجل في النظر والسلوك والممارسة مع غير زوجته ـ وهو أمر يقع في صلاح المرأة تماماً ـ تحديد غير قليل في منظور الرجل بالنظر إلى طبيعة غريزته وقوة اندفاعه وسرعة استجابته لجمال المرأة وجاذبيتها.

بل لعل الرجل في كثير من الأحيان يشعر بتضييق معنوي أزيد عليه من المرأة نفسها بتحديد مظهر المرأة لأنه يحرمه من شيء يجد اندفاعاً كبيراً إليه ومتعةً كثيرة فيه، حتى كأنه يجد نفسه هو المقصود الأساس بهذا التحديد.

فعفاف المرأة في مظهرها وسلوكها لهو أشق على الرجل منها على الفتاة لبعض الاعتبارات، لان قوة غريزة الرجل ورغبته الملّحة في الاطلاع على المظاهر الفاتنة وشعوره الغامر بالمتعة في ذلك يجعله راغباً نوعاً في الفتاة بتلك المظاهر التي يتمناها، على ان الرجل لا يتمنى للزواج نوعاً الاقتران بتلك الفتيات، وانما يرجح ويختار الفتاة المتعففة المعروفة بالاتزان والوقار والحياء في المجتمع العام، إلا ان الانجذاب الغريزي العام له إلى الفتيات يدفعه إلى الرغبة في رؤيتهن على وجه أجمل وأكثر اغراءً، وهو انجذاب خادع لكثير من الفتيات غير المتزوجات واللاتي يأملن من خلال استجابتهن لعاطفة الرجل الاقتران برجل يخلص لهن.

هذا وليس في شيء مما تقدم من وظيفة الفتاة في المظهر والسلوك العفيف ما يعني معذورية الرجل في اية خطوة خاطئة يبدر منه تجاه المرأة وان لم تراع الحشمة، فتلك خطيئة من المنظور الفطري والشرعي قطعاً، ومن ثم تترتب الاحكام الجزائية في الدين على مثل هذه الخطوة مهما كانت ظروفها، ولكن سنن الحياة تقتضي بناء الفعل الاجتماعي على أسس سليمة وملائمة للتكوين النفسي للجنسين والاستجابات التي طبعا عليها.





رسالة المرأة في الحياة (سلسلة محاضرات تربوية)، ص79، ص81

السيد محمد باقر السيستاني