أهمية المقدرة على تحليل الأحداث السياسية والاجتماعية في معرفة الاتجاه الحق والباطل فيها
2023-03-16

إن من الضروري في تحليل أي حدث اجتماعي وسياسي ـ ولو كان معاصراً ـ أن يرتقي الباحث إلى مستوى من الوعي المناسب لتحليل هذا الحدث وما يحتف به من ملابسات وحوادث، وإلا تراءى له أمور خاطئة وقرأ الحوادث قراءة غير صائبة وبعيدة عن الواقع.

وهذا أمر يجده أي إنسان نابه في الحياة المعاصرة عندما يتأمل الحوادث الاجتماعية والسياسية التي يشهدها والأقوال التي يسمعها والغايات المنظورة بها.

ولكن كثيراً من الناس في المجتمع لا يرتقون إلى هذه الدرجة بشكل مباشر، فهم لا يتقنون التحليل الاجتماعي والسياسي لما يحدث وما يتعلق به من تقييم الرجال ومراتبهم وغاياتهم ومطامحهم، ولذا يقع كثير منهم في فخ الانطباعات الخاطئة ويتبعون على أساسها قيادات غير مؤهلة للاتباع، لأنهم لا يستطيعون من قراءة الواقع وتحليله على وجه مناسب.

وهناك من يعتمد في تحليل القضايا على أشخاص يثق بهم، فإن كانوا ممن يستوجب الوثوق باختبار علمهم وأخلاقهم وطلبهم للحقيقة وبصيرتهم في الأمور فهم يصيبون الواقع بذلك، وإن كانوا من الذين لا يستوجبون الوثوق، ولكن اغتر بهم من جهة عناوينهم ومواقعهم وخطابهم ومزاعمهم عن أنفسهم دون تثبت وتدقيق فإنّه يقع في الخطأ بطبيعة الحال.

وهذا المعنى ينطبق في صراع الحق والباطل في الاتجاهات الاجتماعية والسياسية على وجه عام حتى وإن لم يكن في المجتمع الديني أو على أساس الخطاب الديني كما يلاحظه الناظر في المجتمعات غير الدينية، فهناك اتجاهات عديدة فيها، بعضها معني بالصالح العام، وبعضها معني بالغايات الشخصية وجمهور الناس بين من يعتمد تحليل هذه الفئة أو تلك، كما يتحقق مثل ذلك في المجتمع الديني.

وقد يستغرب كثير من النابهين قناعة فريق من الناس بقيادات تمارس الكذب والتمويه والتلبيس في تسويق أنفسها وتدّعي الغايات الحميدة والسوابق السديدة.

وليس ذلك إلا من جهة عدم ارتقاء هؤلاء إلى تحليل الأمور والحوادث من الناحية الاجتماعية والسياسية على وجه مناسب، ولو من جهة التسرع والانفعال والانخداع بالإعلام والشعارات المرفوعة.




 واقعة الغدير ( (1) ثبوتها ودلالاتها)، ص109-ص111

السيد محمد باقر السيستاني