تلخيص واستنتاج الأدلة العقلانية والبديهيات في وجود صانع قدير
2023-02-06

على ضوء الأدلة المستمدة من العقلانية الواضحة والبديهيات العلمية نستنتج أن كل مشاهد هذه الحياة تمثل الصانع القدير، فمشهد الحياة والكون كله أشبه بمعرض فنان نشر فيه لوحاته الفنية، حيث إن الزائرين له يجدون في كل لوحةٍ بعضاً من آثار شخصية هذا الفنان وقدرته الفنية وبراعته في الرسم والتعبير، أو أشبه بمعرض شركة لمنتجاتها وصناعاتها التي تمثل القدرات الفنية للشركة وللقائمين عليها. فالكون كله معرض للصنعة الإلهية بما يدل عليه من قدرة وعلم وحنكة وتدبير، مما يتمثل بأنواع بديعة ومختلفة من التمثل، من أصغر ذرة وكائن حي من الجزيئات والخلايا، مروراً بطبائع الحيوانات العجيبة مثل النمل والنحل، وانتهاءً بالكائنات العظيمة من المجرات وما فيها من شموس وأقمار وكواكب.

لا فرق في هذا الأمر بين أن يكون بعض هذه الكائنات قد وجدت بخلق مستأنف لها أو يكون كل هذا المشهد بدأ من نقطة واحدة وتسلسل في ملايين السنين إلى هذا المشهد الرائع، لأن هذه النقطة كانت مشتملة ـ لا محالة ـ على استعدادات وقابليات تفتقت عن كل هذا التنوع تفتق بيضة الطاووس عن هذا الكائن الرائع بكل تفاصيل روعته.

فوجود الله سبحانه هو حقيقة واضحة متمثلة في تضاعيف كل ذرة من ذرات الكون وكل كائن من آحاد الكائنات وأنواعها.

ومن هذا حق للواعين بهذه الحياة والمتبصرين فيها أن يشهدوا الله سبحانه في كل شيء فيها، فيستدلوا بالأشياء على صانعها وبارئها، وينظروا إليها كما ينظرون إلى سائر المشاهد في الأمثلة التي ذكرناها.






أفي الله شكٌ (سلسلة محاضرات فكرية)، ص22-24

السيد محمد باقر السيستاني