إن البحث عن صدق الدين وحقانيته هو حقاً بحث مهمة للغاية كما تقدم، لأنه بحث عن أمر خطير جداً.
وتبتني هذه الأهمية على الضابط الفطري في ملاك الاهتمام المعرفي الحكيم واللازم بالأشياء (يلاحظ في تفصيل ذلك كتاب ( ضرورة المعرفة الدينية)).
إن الإنسان يتحرك في اهتمامه الطبيعي في الاطلاع على الأشياء ومعرفتها من غرائز وسجايا في تكوينه النفسي تدعوه إلى أنشطة ملائمة معها ويترك الاهتمام بالاطلاع على أشياء أخرى لا تمثل تلك الغرائز والسجايا حوافز للبحث عنها.
ولكن البحث هنا عن الاهتمام المعرفي الحكيم واللائق الذي يتعين بذله على الإنسان ككائن مزود بالعقل والضمير والحكمة وبالإرادة الحرة والمقدرة على التحكم في سلوكه.
فهل هناك سعي معرفي يحبّذ إليه العقل؟ ولماذا؟، وما الذي ينبغي للإنسان أن يسعى إلى الاطلاع عليه والتأكد منه فهذا سؤال عام يبتني عليه الاهتمام المعرفي للإنسان الراشد.
والواقع: أنه لا شك في أن الإنسان وفق الانطباع العقلاني العام مزود بهدي يتيح له معرفة ملاك الاهتمام المعرفي والسلوكي، وإنما يقتصر دور مثل هذا البحث في الحقيقة على توصيف هذا الملاك كمنبه ومذكّر للإنسان الراشد، وليس في ذلك إضافة معرفية جديدة على الباحث حقاً.
أهمية البحث عن الدين (سلسلة محاضرات فكرية)، ص16، 17
السيد محمد باقر السيستاني