رؤية الدين عند الانسان والنزوع الى الحكمة
2022-12-27

وهو الجانب الذي يوازن الخيارات المختلفة ويوصي باختيار أنسبها وأحسنها من حيث آثاره في العاجل والآجل، فإذا خيّر بين خيارين سعيدين اختار أسعدهما، وإن خيّر بين خيارين مُرّين اختار أقلهما مرارةً وعناءً.

وهذه الخصلة أيضاً بديهية للإنسان.

ويرتكز الدين على اتصاف الإنسان بهذه الخصلة أيضاً. فالدين يعتمد على اتصاف الإنسان بروح الحكمة وتقديره الفطري لها، بل يسعى إلى إثارة هذه الروح في الإنسان، لأن الحياة مبنية على سنن وقواعد، وهناك سبل مختلفة فيها، فعلى الإنسان أن يختار السبيل الراشد والحكيم، ومن ثم جاء في جملة غايات إرسال الله سبحانه للرسل أنه كان لتعليمهم الكتاب والحكمة، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ] (سورة الجمعه:2) .

وبذلك يظهر أن الأساس الثاني للدين في إقناع الإنسان به هو انطلاقه من منطلق الحكمة، لأن حياة من الإنسان مبنية على سنن حكيمة إذا سار فيها الإنسان سيراً مستقيماً بورك له فيها وانتهى به إلى السعادة، وإن انحرف عنها يميناً وشمالاً انتهى به إلى العناء والشقاء، ومن ثم قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيها] (سورة الأنعام:153).





معرفة الدين (سلسلة محاضرات فكرية)، ص26، 27

السيد محمد باقر السيستاني