إن القيم الفاضلة تدور مدار مراعاة حقوق مبنية على وشائج فطرية جُبل الإنسان على تقديرها والاعتبار بها، ومن أبرزها - بعد حق الله سبحانه وتعالى ــ:
۱ - حق النفس، فإن المرء قيّم على نفسه لينمّيها ويسوقها بالعقلانية والحكمة والفضيلة إلى مراقيها وغاياتها، ولا يتركها إلى غرائزها واسترسالاتها فيظلمها.
۲ - حق الإنسانية، فإنّ الإنسانية وشيجة فطرية بين الناس كلهم توجب تجنب العدوان والإساءة فيما بينهم و تقتضي تعاملهم مع بعضهم باللطف والإحسان.
٣ ـ حق الوالدين على الأولاد، فإنهما أصل الأولاد في سنن الحياة، وحريٌّ بالمرء أن يُكرم أصله، ثم هما طالما تعبا في تربيته ونشأته في أوقات ضعفه وعجزه، فيليق به أن يقابل إحسانهما بالإحسان ويجازيهما بالشكر والامتنان.
٤ ـ حق الأولاد على الوالدين، فإنهما كانا سبباً في وجودهم فلزمهما رعايتهم وصيانتهم والقيام على صلاحهم ونصحهم.
٥ ـ حق الأرحام، فإنّ الرحم وشيجة بين أهله، فإنّ بعضهم من بعض، وكل وشيجة تستوجب الصلة وتقتضي الرعاية، وإلا أوجبت حزازةً وأورثت نكداً.
٦ - حق الإحسان، فإنّ الإحسان إلى المرء يستوجب الشكر منه، ولا سيما الإحسان المؤكد كما في إحسان الله سبحانه إلى الإنسان ثم إحسان الوالدين إلى الأولاد، وأقبح شيء من المرء في الإنسانية أن يجازي المرء إحسان الآخر بكفرانه، ويسيء إليه بما حازه في أثر فضله عليه.
7 - حق المشاركين في العقيدة في الولاء بعضهم على بعض، فإنّ الاشتراك في العقيدة الصائبة يوجب وشيجةً في الإنسان، حيث يشعر بها أن الجميع في مسيرة واحدة وطريق واحد، فيكون على بعضهم أن يكون ولياً وعوناً للآخر، من غير أن تكون تلك عصبيةً ضد غيرهم ومؤديةً إلى ظلم من سواهم.
8ـ حق الاجتماع، فإنّ الله سبحانه خلق الإنسان اجتماعياً، يأنس ببني نوعه ويرتبط مصالح بعضهم ببعض، فعليهم أن يفوا بما توجبه هذه الوشيجة، ويراعوا الصالح الاجتماعي العام في سلوكياتهم وأفعالهم.
۹ـ حق الجوار، فإنّ الجوار وإن كان وشيجةً جغرافيةً وقرباً مكانياً إلا أنها تستتبع قرباً بين القلوب واشتراكاً في الهواجس وارتباطاً في المصالح، فعلى بعضهم رعاية بعضٍ آخر.
١٠ـ حق المعرفة والعشرة والصحبة، فإنّ من شأن هذه المعاني أن تورث تعلقاً في قلب الإنسان يستوجب استجابةً مناسبةً لها، فلكل من عرفه الإنسان أو عاشره أو صاحبه حق عليه بحسب ما يسعه ولو كان تبسماً أو اتصالاً أو سؤالاً أو عوناً أو أنساً.
۱۱ - حق الالتزام والتعاقد، فإذا التزم المرء لأحدٍ بشيء كان عليه الوفاء به والعمل على وفقه، وإنما قيمة المرء باعتبار قوله ووقوفه عند تعهده به.
١٢ - حق الزوجية، فإن الزوجية عقد، ولكن لا كسائر العقود، لأن الزوجين يتعاقدان على أهم أسرارهما ليكون بعضهما من بعض، فيجب عليهما المعاشرة فيما بينهما بالمعروف والتعامل بينهما بمودةٍ ورحمةٍ حتى يكون أحدهما سكناً للآخر.
۱۳ - حق الضيافة، فإنّ من استضاف أحداً تعهد بإكرامه ، فعليه الإيفاء بما تعهد به على أحسنه.
١٤ - حق الحاكم والولي على المحكوم والمولى عليه في حسن الاستجابة له في مواضعها إعانةً له على الإيفاء بمسؤولياته وإعذاره فيما يحتمل العذر في مثله.
15- حق المحكوم والمولى على الحاكم والولي في النصح له وتحري صلاحه وعدم الاستبداد بالأمر من دونه، فإن لم يفعل فقد خان الأمانة وكان ظالماً.
١٦ - حق الاشتراك في المدينة أو الوطن، فإنّ هذا الاشتراك يولد وشيجةً فطريةً في الإنسان لها مقتضياتها.
۱۷ - حق الحيوانات، في الرفق بها ورعايتها وعدم التعمد في إيذائها لغير حاجة تتوقف على ذلك.
تجربتي التربوية في الحياة (سلسلة محاضرات تربوية)، ص39ــ43
السيد محمد باقر السيستاني