إنكار نبأ المهدي (عليه السلام) من منطلق إنكار اصطفاء أهل البيت (عليهم السلام)
2022-11-21

الإذعان بدين الإسلام وما اشتملت عليه ثوابت نصوصه - كالقرآن الكريم - من أمور غريبة، ولكن من غير إذعان بالاصطفاء الإلهي لأهل البيت (عليهم السلام) من الإمام علي والزهراء والحسنين (عليهم السلام) والمصطفين من أبناء الحسين (عليهم السلام).

 وهذا هو منطلق جمهور علماء السنة في مناقشة ما اختص به مذهب اهل البيت (عليهم السلام)، فهم ينكرون أي أمر مبني على اصطفاء أهل البيت (عليهم السلام) للحكم وامتيازهم في العلم وتميزهم بالعصمة والتسديد.

 نعم هم يذهبون إجمالاً إلى كون أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من أماثل المسلمين في العلم والتقوى والسداد، ولكنهم - أي الجمهور - ينكرون أن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يرون لأنفسهم اصطفاءً إلهياً، ويتهمون الإمامية في حكاية ذلك عنهم.

 واستبعاد بعض الباحثين من أهل السنة لتعيين الإمام المهدي (عليه السلام) ينطلق غالباً من موقفهم في رفض اصطفائهم (عليهم السلام)، ولا يختص بموضوع الإمام المهدي (عليه السلام).

على أن الواقع أن الإنكار يعتبر تعسفاً من المنظور التأريخي، كما أوضحناه في مباحث الاصطفاء، وبحث واقعة الغدير (إجماله: أن من الواضح تاريخياً أن هؤلاء الأئمة (عليهم السلام) كانوا قادة في المجتمع الإسلامي، وكانت قيادتهم تنطوي على البعد السياسي والعلمي والمعنوي، ولأجل ذلك ميزتهم السلطة العباسية عن سائر أقاربهم وجلبتهم إلى عواصم الخلافة تحت الرقابة، على أن هؤلاء الأئمة لو نفوا عن أنفسهم علناً هذه الأوصاف لسقطت دعاوى الأدعياء واستقبل ذلك منهم ومن غير المعقول أن يتمسك الجمهور المتواصل مع شخص بموقع ومقام له وهو مغلق لبابه أمامهم متبرئ من دعاواهم، غير متصدٍ لقيادتهم، كما أنّ علم الفهرسة وتأريخ التأليف والمؤلفات في الإسلام يدل بوضوح على أن أتباع الأئمة (عليهم السلام) صنفوا في زمانهم وارتبطوا بهم وأخذوا عنهم، ولا يقتصر أتباعهم على قوم من عامة الناس، بل كان فيهم الفقهاء والمحدثون والمتكلمون والوجهاء والساسة والكتاب وسائر النابهين).



منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي (عليه السلام)، ص48، 49

السيد محمد باقر السيستاني