غزوة مؤتة واحتكاك النبي (صلى الله عليه وآلهِ) بالروم
2022-08-31

(لم يتضح لنا بعد النظر في كثافة الجيش الذي واجه جيش المسلمين شيء يركن إليه في سبب هذه الغزوة غير ما ذكرناه من إظهار النبي (صلى الله عليه وآله) عزمه على الاحتكاك بالروم وتهيئة المسلمين لذلك، إما للتنبيه لقوة الإسلام وتصميمه على التوسع، أو لرد فعل على اعتداء حصل من الروم أو أتباعهم. ولإظهار هذا التصميم أهميته في تهيب الروم للمسلمين، خصوصاً بعد ما سبق من تنبؤ هرقل نفسه غلبة الإسـلام على ما تحت قدميه. حيث يكون هذا الإصرار أمارة على البدء بها تنبأ به، وذلك يضعف معنوياته حتى لو لم ينتصر الإسلام في هذه المعركة. ولا يسعنا في هذه العجالة تفصيل الكلام فيها قيل في ذلك وتقييمه رفضاً أو قبولاً)


وتلا ذلك غزوة مؤتة، حيث ظهر استعداد النبي (صلى الله عليه وآلهِ) لمواجهة الروم. وبذلك هيأ المسلمين لمواجهتهم. وإن لم تنجح، حيث تراجع جيش المسلمين بعد قتل القادة الثلاثة جعفر، ثم زيد، ثم عبد الله بن رواحة.

وعن ابن كعب بن مالك قال: ((حدثني نفر من قومي حضروا يومئذ، قالوا: لما أخذ خالد اللواء انكشف الناس فكانت الهزيمة، وقتل المسلمون، وأتبعهم المشركون، فجعل قطبة بن عامر يصيح: يا قوم يقتل الرجل مقبلاً أحسن من أن يقتل مدبراً، يصيح بأصحابه فما يثوب إليه أحد. هي الهزيمة ويتبعون صاحب الراية منهزماً)) (المغازي للواقدي ج:٢ ص: 763 غزوة مؤتة. تاريخ دمشق ج:49 ص:337 في ترجمة قطبة بن عامر. الإصابة في تمييز الصحابة ج:5 ص: 340 في ترجمة قطبة بن قتادة العذاري .).

واستقبل المسلمون الجيش يحثون عليه التراب، ويقولون: ((يا فرار فررتم في سبيل الله! فيقول رسول اللہ (صلى الله عليه وآلهِ): ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله)) (السيرة النبوية لابن هشام ج: 3 ص:836 غزوة مؤتة. تاريخ الطبري ج:۲ ص:۳۲۳ ذكر الخبر عن غزوة مؤتة. دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ج:4 ص : ٣٧٤ باب ما جاء في غزوة مؤتة. الكامل في التاريخ ج:۲ ص:۲۳۸ ذکر غزوة مؤتة. وغيرها من المصادر).

وعن أم سلمة (صلى الله عليه وآلهِ) أنها قالت لامرأة سلمة بن هشام بن العاص: «ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول اللہ (صلى الله عليه وآلهِ) ومع المسلمين؟ قالت: والله ما يستطيع أن يخرج. كلما خرج صاح به الناس: يا فرار، فررتم في سبيل الله، حتى قعد في بيته فما يخرج)) (السيرة النبوية لابن هشـام ج: 3 ص:836 غزوة مؤتة. دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعـة ج:4 ص: 377 باب ما جاء في غزوة مؤتة. أسد الغابة في معرفة الصحابة ج 5 ص:635 في ترجمة زوجة سلمة. وغيرها من المصادر).

هذا وقد أكد النبي (صلى الله عليه وآلهِ) عن عزمه على مواجهة الروم بغزوة تبوك ـ كما يأتي ـ ثم بمحاولة إرسال جيش أسامة قبيل وفاته.





خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) ص 112،111

اية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)