استفتاء لسماحة السيد السيستاني (دام ظله) حول صحة الحديث الوارد من الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (من بكى أو تباكى على الحسين (عليه السلام) وجبت له الجنة)
2022-08-04

بسمه تعالى

إلى مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

السؤال: ما هو رأي سماحة سيدنا ومرجعنا بصحة الحديث الوارد من الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (من بكى أو تباكى على الحسين (عليه السلام) وجبت له الجنة)؟

بسمه تعالی

 نعم ورد أحاديث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة بكى على الحسين (عليه السلام) كما في بعضها مثل ذلك لن تباكى عليه انشد شعراً فتباكى عليه، ولا غرابة في ذلك إذ الوعد بالجنة قد ورد في أحاديث الفريقين شأن جملة من الأعمال، ومن المعلوم أنه يراد بذلك أن يشعر المكلف بالأمان من العقوبة حتى لو ترك الواجبات وارتكب المحرمات، وكيف يشعر بذلك مع ورد من الوعيد المغلظ في الآيات الشريفة بالعقوبة على مثل ذلك، بل المفهوم من هذه النصوص في ضوء ذلك: ان العمل المفروض يجازى عليه بالجنة عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراكم المعاصي قد يمنع من قبوله قبولاً يفضي به إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار. وبتعبير آخر: أن العمل الموعود عليه يمثل نقطة استحقاق للجنة، وفاعلية هذه النقطة تماماً منوطة بأن لا يكون هناك نقاط مقابلة توجب استحقاق النار بارتكاب الأعمال التي أوعد عليها بها. وأما ثبوت هذه المكانة للبكاء على الحسين (عليه السلام): فلأن البكاء يعبر عن تعلقات الإنسان وكوامن نفسه تعبيراً عميقاً، لأنه إنما يحدث في أثر تنامي مشاعر الحزن وتهيجها لتؤدي إلى انفعال نفسي يهز الإنسان، ومن ثم فإن البكاء على الإمام (عليه السلام) يمثل الولاء الصادق للنبي (صلى الله عليه وآلهِ) وأهل بيته الأطهار وللمبادىء التي نادى بها ودعا إليها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حركته (عليه السلام) قد هزت التاريخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القيم الإسلامية في قلوب المؤمنين، ولم يحدث ذلك إلا في أثر التمسك والتعلق بذكره نتيجة حث أئمة أهل البيت (عليه السلام) بمثل هذه الأحاديث.

 وأما التباكي: فليس المراد به إظهار البكاء أمام الآخرين، بل هو بمعنى تكلّف الإنسان البكاء على ما يراه حقيقاً به، ولكنه يواجه لحظة جفاف في قلبه ومشاعره فيتكلف البكاء عسى أن يستجيب قلبه وتتدفق مشاعره لنداء عقله، وبهذا المعنى أيضاً ورد الوعد بالجنة لمن بكى أو تباكى عند ذكر الله سبحانه وتعالى كما نبه عليه غير واحد، منهم: العلامة المقرم (قدس سره) في مقتل الحسين (عليه السلام).


29/المحرم الحرام/1435هـ