أهمية المعرفة به تعالى في سعادة الإنسان
2022-07-23

إنّ أهم عامل يؤثر في سعادة الإنسان هو معرفة الإنسان بصاحب هذه الحياة في كل مكوناتها وتفاصيلها والخالق له المتفضل عليه بصنوف النعم وأنواعها، فمعرفة الله سبحانه والإذعان له يترك ظلاً ظليلاً على حياته الآخرة، فمن عرف الله تعالى وأذعن له فقد حصل على رأس مال رابح وخالد.

وذلك لما في معرفته والإذعان له من معاني الشكر والأدب والعرفان، وقد جعل سبحانه وتعالى الشكر والأدب من سنن التنمية لأنه سيد الأخلاق الفاضلة.

كما إن أهم عامل يؤثر في شقاء الإنسان هو معاندة المرء في الإقرار به سبحانه وإثبات الشريك له، فإنه انتقاص عظيم لحقه ونكران قبيح لجميله، ينعكس على صاحبه نكداً ويوجب تعاسة وبعداً.

ودونه في عوامل الشقاء إهمال المرء لهذا الأمر وعدم تحريه وبحثه، فيضل السبيل من جهة قلة اهتمامه بما يحتمله من وجوده ورغبته سبحانه في معرفته والإذعان له، فيعيش المرء كالأنعام لا يعرف صاحبه ولا المنعم عليه.

ومن كان قاصراً عن معرفة الله تعالى ــ من دون تقصير منه ــ كان له سبحانه تقدير عذره، وتنزيله على ما يستوجبه بحسب حاله، ولكنه لن يبلغ درجة العارف به المذعن له في ما عرفه من حقه وشكره على معروفه.

وفي حكم معرفته سبحانه الوقوف على رسالته إلى الخلق في أمر هذا العالم وأبعاده وشؤونه، لأن هذه الرسالة تكشف للمرء أبعاداً ضرورية لن ينالها العقل، كما إنها تقي المرء من الشكوك والشبهة في ما يدركه، فإن العقل لن يهتدي إلى كثير من الحقائق المهمة والمؤثرة في مسيرة الإنسان، على أنه قد يصاب أكثر الناس في مدركاته الحقة بالتشويش والشبهة...، فالسبيل إلى معرفة حقائق هذه الحياة منحصر بالوقوف على رسالته.

على أن في هذه الرسالة تحديداً لحدود الوظائف الفطرية التي لا تخلو هي بدورها عن تشابه وتشويش لا سيما لدى أغلب الناس، وقد تختلط هذه الوظائف بإدراكات ومشاعر أخرى لا قيمة لها، وبذلك تحدد الرسالة المنهج الصحيح في هذه الحياة تحديداً يرفع عنه اللبس والخطأ.

ثم في الوقوف على رسالته تعالى إلى خلقه والإذعان لها وتقديرها تأدب معه سبحانه وتقدير لمخاطبته سبحانه للإنسان ولطفه به، و ...أن مقولة الأدب مع الله تعالى من أهم ركائز علاقته سبحانه بخلقه، فمن انتهك الأدب معه سبحانه فقد هتك نفسه وأفسد حياته.


أصول تزكية النفس وتوعيتها، ص٧٣

 السيد محمد باقر السيستاني