تعميق الشعور بالله سبحانه في عقل الإنسان وقلبه
2022-07-19

يستطيع الإنسان وفق المنظور الديني العقلاني من أن يعمّق هذا الإدراك في داخله بحيث يشهد الله سبحانه في كلّ ما يراه فيكون حاله تجاه الكائنات كلّها ـ ومنها الإنسان نفسه ـ حال من يدخل في معرض لصناعات شركةٍ، فيرى كلّ شيء فيه مقروناً بالالتفات إلى أنّها من إنتاج تلك الشركة، فهذا الاستحضار وعيٌ دائمٌ ومستمرٌّ بحقيقة تمثّل قدرات الصانع وفاعليّته في آثاره.

ومن ثَمّ فإنّ من وعي الإنسان أن ينظر إلى الكون والكائنات في كلّ تفاصيلها بهذه النظرة، ويشهد آيات الله سبحانه في الأنفس والآفاق.

وقد جاء في نصوص القرآن الكريم مدح هذا الوعي والانتباه في الإنسان، كما نجد في نصوص الأنبياء والأولياء ـ كخطب الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة ـ ما يعبّر عن شعور بالغ بهذا المعنى والإعجاب به والثناء لله تعالى بموجبه، فما حُمد شيء في الكون إلّا ورجع إلى حمد الله سبحانه وتعالى، وما أُعجب عالم باكتشاف قانون من قوانين الكون في أيّ منحى من المناحي إلّا ورجع إلى الإعجاب بصنيع الله سبحانه وقدرته وعظمته، وقد قال القائل:

وفي كلّ شيء له آيةٌ         تدلّ على أنّه واحد

وعليه فإنّ عقلانيّة الإنسان ورقيّ مستواه العقليّ يمدّ الإنسان بهذا الشعور بشكل دائم، لا سيّما أنّ الإنسان بحسب الدين مقصود بالتفهيم من هذا العرض من قبل الله سبحانه، فهو خلاصة هذا الكون المادي والحياة، وهو منظور بهذا الاستعراض الإلهيّ الجميل.


اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص٣٢٩

السيد محمد باقر السيستاني