حقيقة السعادة والشقاء
2022-06-29

قد يظن المرء في بادئ النظر أن السعادة في هذه الحياة هي التمتع بالنعم الكثيرة والإمكانات الواسعة والجاه الكثير.

وهذا ظن خاطئ، بل حقيقة السعادة هي الشعور الصادق والعميق بالراحة والسكينة والطمأنينة والاستقرار وانطواء المرء على الرضا بمحله وما لديه.


وهذا الشعور على ضربين..


أحدهما: السعادة المعنوية، بالعمل بالقيم النبيلة والممارسات الفاضلة، وتجنب الممارسات الشائنة والأفعال القبيحة، فإن ذلك يستتبع شعوراً بالطمأنينة؛ لما فيه من إرضاء الضمير والاستجابة للوجدان. ولذا تجد أنّ المرء بفطرته قد يقدم ممارسة نبيلة على نفع مادي، وما ذلك إلا لما يجده فيه من معاني النبل والرفعة، وما يستتبعه من الشعور بالراحة والسلامة، وما يوجبه خلافه من نغص وتلوّن ونكد واضطراب.


والآخر: السعادة المادية، التي تحصل باستيفاء الحاجات وممارسة الملذات.

وقد يظن الظانُّ أن سبيل تحصيل هذه السعادة هو الكدُّ في تحصيل تلك النعم والملاذ والتمتع منها بأكبر قدر ممكن.

وهذا خطأ ممن يقع فيه سواء نظر إلى هذه الحياة المادية وحدها، أو قدَّر آفاق الحياة كلها ظاهرها وباطنها، وعاجلها وآجلها، بل السبيل الأنجع في تحصيل هذه السعادة مجموع أمرين..


١ ــ الغنى المادي، والمراد به أن يكون للمرء من الإمكانات المادية كفاف يقيه من المعاناة.

٢ ــ الغنى النفسي، والمراد به استغناء النفس عن الازدياد من الطلبات المادية وقناعته بيسير منها، فإن ذلك مما يورث راحة في النفس وسلامة من القلق والأذى.


فكم من امرئ يعيش في إمكانات واسعة كالقصور يحزُّ في نفسه فقدان شيء يجده لدى الآخرين مما يجعل حياته نكداً، وآخر يعيش في قرية عيشة متواضعة، لكنه في هدوء ودعة.


فأيُّ الرجلين أكثر سعادة وأروح بالاً؟



السيد محمد باقر السيستاني

 [أصول تزكية النفس وتوعيتها، ص: ١٠٢]