العلّامة الطّباطبائيّ قارئاً كبارَ العلماء وأعمالهم سادةُ أهل المعرفة والمراقبة
2021-04-15

تحدّث العلّامة السّيّد محمّد حسين الطّهرانيّ عن إعجاب أستاذه العلّامة الطّباطبائيّ، صاحب (تفسير الميزان)، بعددٍ من كبار العلماء، فقال:

 

«كان المرحوم الأُستاذ يعظّم اثنَين من علماء الإسلام كثيراً، ويذكر مقامهما ومنزلتهما بتقديرٍ شديد:

 

 الأوّل: السّيّد الأجلّ عليّ بن طاووس ، أعلى اللّٰه تعالى مقامه الشّريف، وكان يعتبره (سيّدَ أهل المراقبة)، ويُولي كتابه (إقبال الأعمال) اهتماماً فائقاً.

 

 الثّاني: السّيّد مهديّ بحر العلوم، أعلى الله تعالى مقامه، حيث كان يُشيد بأُسلوب عيشه وسلوكه العلميّ والعمليّ ومراقباته. وقد ذكر في مرّات عديدة تشرُّفَه والسّيّد ابن طاوس بلقاء مولانا الإمام صاحب العصر والزّمان أرواحنا فداه.

 

 وكان [المرحوم الأستاذ الطباطبائي] معجباً بمخالفتهما واجتنابهما لهوى النفس، وبمجاهداتهما في سبيل الوصول إلى المقصود، وكيفيّة حياتهما وسَعيهما لتحصيل رضى الله تعالى، وينظر إليهما نظرة التّجليل والتّكريم.

 

 كان يهتم بـ (رسالة السّير والسّلوك) المنسوبة للسّيّد بحر العلوم، ويُوصي بقراءتها، وقد قام بشرحها مفصّلًا عدّة مرات لبعض الرّفقاء الخواصّ من الطلّاب الصّالحين والوالهين من طلّاب الحقّ ولقاء للّٰه.

 

 [كما] كان يعتبر أنَّ أفضل الكتب الأخلاقيّة المختصَرة هو كتاب (طهارة الأعراق) لابن مسكويه [يعرَف أيضاً بطهارة الأعراق في تهذيب (تحصيل) الأخلاق؛ ويختصَر بتهذيب الأخلاق]؛ وأفضل المتوسّط منها كتاب (جامع السّعادات) للحاجّ المولى مهديّ النّراقيّ؛ وأفضل المطوّل منها كتاب (المَحجّة البيضاء) للمولى محسن الفيض الكاشانيّ.

 

 وكان يقول: ما جاء في كتاب (روضات الجنّات) في ترجمة أحوال الشيخ نصير الدّين الطّوسيّ حول كتابه (أخلاق ناصري) في أنّه اقتبسه من كتاب (طهارة الأعراق) [ليس صحيحاً]، و[أنّ] هذا الأخير مقتبَس من أحد علماء الهند، ليس صحيحاً أيضاً، لأنَّ ابن مسكويه كان معاصراً لابن سينا، وقد ألّف كتاباً في الفلسفة على طريقة الفلسفة اليونانيّة تماماً، ولا يرتبط بالفلسفة الهنديّة بتاتاً؛ إضافة إلى أنَّ كتابه الأخلاقيّ المذكور لا ينطبق مع مشرب الهنود.

 

 أمّا النّراقيّ، فهو من الفقهاء والعرفاء وفلاسفة الدّرجة الأُولى، وهو من حيث سعة الفكر وبُعد النّظر في العلوم الرّياضيّة والفلك، نادر المثيل، وله في الأخلاق مقامٌ سامٍ.

 

ومن العجيب جدّاً أنّه لم يُعرَف حتّى اليوم وبقي مجهولًا رغم كمالاته ومقاماته العديدة. وقد طبعت مؤخّراً بعض مصنّفاته، ومن المقرّر أن تطبع بقيّة آثاره الجليلة.

 

أمّا الفيض الكاشاني فهو أشهر من الشّمس، وكتابه (المحجّة البيَضاء) الذي كتبه في [تهذيب] (إحياء العلوم [للغزالي]) لَيُعدّ من أنفس كتب [علماء] الشّيعة، رضوان الله عليهم أجمعين».

 

 

 من كتاب (الشّمس السّاطعة) لتلميذه العّلامة السيّد محمّد حسين الطّهرانيّ (قدّس سرّه)