رثاء مفجع للشيخ بهاء الدين محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي الجزيني‏ في مقتل أستاذه الشّهيد الثاني الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي قدّس سرّه على أيدي العثمانيين
2021-03-30

هذي المنازل والآثار والطّـــللُ

 مخبّرات بأن القوم قد رحـــلوا

ساروا وقد بعُدت عنّا منازلــهم

فاليوم لا عوضٌ عنهم ولا بدل

فسرت شرقاً وغرباً في تطلّبهم

 وكلما جئت ربعاً قيل لي رحلوا

حتى وصلت إلى دير وراهبــه

 يتلو الزّبور وجنح الليل منسدل

شبكت عشري على رأسي وقلت له

يا راهب الدّير هل مرّت بك الإبل

يا راهب الدير بالإنجيل تخبرني

عن الرّكاب التي في جنبكم نزلوا

فرقّ لي وبكا من رحمة وشكا

وقال لي يا فتى قلّت بك الحيَلُ

إن الرّكاب التي عنهم تسائلني

بالأمس قد نزلوا واليوم قد رحلوا

فحين أيقنت أن الذكر منقطع

وأنه ليس لي في وصلهم أمل

رجعت والعين عبرى والفؤاد شجٍ

والحزن بي نازل والصبر مرتحل

وجئت ناديهم ألفيته قفراً

والطير تندبه والسّهل والجبل

وعاينت أعين الأصحاب في وجل

والعين منهم بميل الحزن تكتحل

فقلت ما لكم لا خاب فالكم

قد طال حالكم والضّر مشتمل

هل نابكم غير بغد الألف عن وطنٍ

قالوا فجعنا بزين الدين يا رجل

أتى من الرّوم لا أهلاً بمقدمه

ناعٍ نعاه فنار الحزن تشتعل

يقول أن أولو العدوان قد شهروا

سيف الضّلال وللمذكور قد قتلوا

لما سمعت كلام القوم خامرني

وجدٌ وحلّ بقلبي المبتلى وجل

وصار حزني أنيسي والبكا سكني

والنوح دأبي ودمع العين ينهمل

لهفي له نازح الأوطان منجدلاً

فوق الصّعيد عليه التّرب مشتمل

مضرّجٌ بالدّما لا غسل لا كفنٌ

لا قبر فيه يوارى ذلك البطل

لأبلغ الله عني طيب رؤيته

إن حلّ في خاطري يوماً له بدل

أشكو إلى الله رزءاً ليس يشبهه

إلا مصيبة من في كربلا قتلوا

 

مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث