الناس لا یريدون العلم فحسب
2021-03-08

كان الأستاذ الشهید آیة الله السید محمد باقر الصدر (رحمة الله) يرى أنّ اهتمام الطلّاب لا ينبغي أن يقتصر على دروسهم داخل الحوزة، بل عليهم أن‏ يعملوا خارجها أيضاً، ولذلك كان يأمرهم في أيّام العطل بالذهاب إلى المناطق من أجل ممارسة عمليّة التبليغ.

 

وقال لهم ذات مرّة: « إنّ الناس تريد من العالم الديني روحانيّة وعلم، فعليكم أن تقتدوا بإمامكم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في محرابه وسيرته وخضوعه لله، لأنّ الناس لا تريد علماً بغير روحانيّة، وقد أقبل عليكم شهر رمضان المبارك وهو شهر التزوّد من الروحانيّة، وعاملوا الناس بمودّة ومحبّة وأمانة حتّى يتوجّهوا إلى الإسلام الذي هو غاية الجميع‏».

 

 وبعد أن کان احد الطلاب یذهب وكيلًا في منطقة الكوت خاطبه السيّد الصدر (رحمة الله) قائلًا: «ثق بالله، لولا مسؤوليّة المرجعيّة ومسؤوليّة التدريس لذهبت بنفسي للتبليغ في أهوار الكوت‏».

 

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏2، ص: 309

 

في ذكر بعض المتأخّرين عنهم من أئمّة علم الحديث وأرباب الجوامع الكبار التي إليها اليوم مرجع الشيعة في أحكام الشريعة.

 

فاعلم أنّ المحمّدين الثلاث الأوائل ، هم أرباب الجوامع الأربع ، وهم: أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب (الكافي) المتوفّي سنة ثمان وعشرين وثلثمائة هـ ، أخرج فيه ستة عشر ألف وتسع وتسعين حديثاً بأسنادها . ومحمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، المتوفّي سنة 381 هـ وهو المعروف بأبي جعفر الصدوق ، ألّف أربعمئة كتاب في علم الحديث ، أجلّها كتاب مَن لا يحضره الفقيه ، وأحاديثه تسعة آلاف وأربعة وأربعون حديثاً في الأحكام والسنن ، ومحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة صاحب كتاب ( تهذيب الأحكام ) بوّبه على ثلاثمئة وثلاثة وتسعين باباً ، وأخرج فيه ثلاثة عشر ألف وخمسمئة وتسعين حديثاً ، وكتابه الآخر هو ( الاستبصار ) وأبوابه تسعمئة وعشرون باباً ، أخرج في خمسة آلاف وخمسمئة وأحد عشر حديثاً ، وهذه هي الكتب الأربعة التي عليها المعوّل ، وإليها المرجع للشيعة ، ثم المحمّدين الثلاث الأواخر ، أرباب الجوامع الكبار ، وهم : الإمام محمد الباقر بن محمد التقي المعروف بالمجلسي ، مؤلّف ( بحار الأنوار في الأحاديث المروية عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة من آله الأطهار ) في ستة وعشرون مجلداً ضخما ، وعليه تدور رحى الشيعة ؛ لأنّه لا أجمع منه في جوامع الحديث .

 

وقد أفرد ثقة الإسلام العلاّمة النوري كتاباً في أحوال هذا العلاّمة سمّاه (الفيض القدسي في أحوال المجلسي) وقد طبع مع البحار بإيران .

 

والشيخ المحدّث العلاّمة المتبحّر في المعقول والمنقول محمد بن مرتضى بن محمود ، المدعو بمحسن الكاشاني ، الملقّب بالفيض ، له (الوافي في علم الحديث) في أربعة عشر جزءاً كل جزء كتاب على حدة ، يجمع الأحاديث المذكورة في الكتب الأربعة المتقدّم ذكرها ، في الأصول والفروع والسنن والأحكام ، وله نحو مئتي مصنّف في فنون العلم ، عمّر أربعاً وثمانين سنة وتوفى سنة 1091 هـ .

 

والشيخ المحدّث شيخ الشيوخ في الحديث محمد بن الحسن الحر الشامي العاملي المشغري ، صاحب (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل أحاديث الشريعة) على ترتيب كتب الفقه ، من أنفع الجوامع في الحديث ، أخرجه من ثمانين كتاباً من الجوامع كانت عنده ، وسبعين نقل عنها بالواسطة ، وقد طبع مراراً بإيران ، وعليه تدور رحى الشيعة اليوم ، ولد في رجب سنة 1033 هـ ، وتوفّي بطوس من بلاد خراسان في السنة الرابعة بعد المائة والألف .

 

وقد ألف الشيخ العلاّمة ثقة الإسلام الحسين بن العلاّمة النوري ما فات من صاحب (الوسائل) وجمعه على أبواب الوسائل ، وسمّاه (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل) وهو نحو كتاب (الوسائل) فكان أعظم مصنّف في أحاديث المذهب ، وفرغ منه سنة 1319 هـ وتوفّي في الغري ثامن وعشرين جمادى الآخرة سنة عشرين وثلثمئة بعد الألف .

 

وهناك جوامع كبار الأعلام المحدّثين الأخيار ، منها ( العوالم ) وهو مئة مجلّد في الحديث ، للشيخ المحدّث المتبحّر البارع المولى عبد الله بن نور الله البحراني ، المعاصر للعلاّمة المجلسي صاحب (البحار) المتقدّم ذكره آنفاً .

 

ومنها كتاب (شرح الاستبصار في أحاديث الأئمّة الأطهار) في عدّة مجلّدات كبار ، نحو (البحار) للشيخ المحقّق الشيخ قاسم بن محمد بن جواد المعروف بابن الوندي ، وبالفقيه الكاظمي المعاصر للشيخ محمد بن الحسن الحر صاحب (الوسائل) المتقدّم ذكره ، كان ممّن تخرّج على جدّنا العلامّة السيد نور الدين أخي السيد محمد صاحب (المدارك) .

 

ومنها (جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار) وهو جامع كبير يشتمل على مجلّدات كثيرة ، للشيخ العلاّمة الفقيه عبد الطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي ، تخرّج على الشيخ المحقق المؤسّس المتقن الحسن أبي منصور بن الشهيد الشيخ زين الدين العاملي صاحب (المعالم) و (المنتقى) من علماء المئة العاشرة .

 

ومنها الجامع الكبير المسمّى بـ (الشفا في حديث آل المصطفى) يشتمل على مجلّدات عديدة للشيخ المتضلّع في الحديث محمد الرضا ابن الشيخ الفقيه عبد اللطيف التبريزي فرغ منه سنة 1158 هـ .

 

ومنها جامع الأحكام في خمسة وعشرين مجلداً كباراً للسيد العلاّمة عبد الله بن السيد محمد الرضا الشبري الكاظمي ، كان شيخ الشيعة في عصره وواحد المصنّفين في دهره ، لم يكن أكثر منه تأليفاً في المتأخّرين عن العلاّمة المجلسي ، مات سنة 1242 هـ ، في بلد الكاظمين .

 

الشيعة وفنون الإسلام، تألیف آية

 الله السيد حسن الصدر (قدّس سرّه)

 

ش احمد الحسناوي:

يسجل في قائمة الامام الحسين (عليه السلام)

 

كان لمرجع الشيعة الكبير المرحوم السيد عبد الهادي الشيرازي زميل في المباحثات العلمية وهو السيد جعفر الشيرازي .

 

 وبعد وفاة الأخير نقل المرحوم السيد عبد الهادي الشيرازي قصة عنه وهي ذات عبرة حيث قال : ذات ليلة رأیت مولانا الإمام سید الشهداء ومولانا قمر بني هاشم في عالم الرؤيا في الغرفة التي كنت أتباحث فيها مع السيد جعفر الشيرازي ، فقال مولانا الإمام الحسين لأخيه العباس احذف اسم القارئ الفلاني من قائمة قراء المجالس واكتب مكانه اسم السيد جعفر الشيرازي فاستيقظت متعجبا ومندهشا، وفي الصباح سألت من السيد جعفر الشيرازي : هل أصبحت قارئا في المجالس الحسينية ؟

 

 قال : لا قال : فذكرت له ما رأيت في عالم الرؤيا ، فبكينا وقال السيد جعفر : ذهبت ليلة أمس وكانت ليلة الأول من محرم إلى المرقد الطاهر لمولانا الإمام أمير المؤمنين و لأقدم تعازي له وخلال رجوعي كنت أفكر في الحديث الشريف عن الأئمة الصادقين : « من بکی علی الحسين أو أبکی غيره ولو واحدا ضمن له على الله الجنة ، ومن لم يتأت له البكاء فتباکی فله الجنة ، فقلت في نفسي : الحمد لله حيث أني بكيت كثيرا على الإمام الحسين ، ولكن ومع الأسف لم أوفق لحد الآن لإبكاء أحد عليه ، لأني لا أجيد قراءة التعزية في المجالس الحسينية فصممت على أن اقرا مجلس العزاء لعائلتي من أحد كتب المقاتل فذهبت إلى الأصدقاء وسألتهم عن کتاب يروي قصة مقتل سيد الشهداء من فناولني أحدهم کتاب ( جلاء العيون ) للعلامة المجلسي فأخذته وقرأت منه مجلس العزاء لعائلتي .

 

التحفة الصادقية