تحفيز العقل والتفكّر في مضمون الدين وإثارة روح التأمل والتفكير لدى الإنسان
2020-05-25

جاء في كتاب منهج التثبت في شان الدين للاستاذ السيد محمد باقر السيستاني: إن ما يتداول في بعض الأوساط من أن منطق الدين هو الاعتماد على دلالة المعاجز والخوارق ليس صحيحاً، بل جلّ اعتماد الدين ــ خصوصا الإسلام ــ على تحفيز العقل والتفكّر في مضمون الدين وإثارة روح التأمل والتفكير لدى الإنسان

فهل يفهم من هذا الكلام أن المراد نفي تعويل الدين على المعاجز تماماً، أم المراد معنى آخر غير ذلك؟


ج: إنّ المقصود بهذه العبارة الإشارة الى أوساط حديثة توهم مخاطبيها أنّ الدين إنّما سعى إلى إقناع الناس بما جاء به ـ من وجود الله تعالى، وتوحيده، و نفي الشركاء عنه، وحقانيّة تعاليمه ـ على خوارق أتى بها الأنبياء فحسب، نظير ما يتفق من بعض أرباب الأديان الباطلة من الاحتجاج على مدّعياتهم وتعاليمهم بما يدّعونه لأنفسهم من الخوارق فحسب، من غير أن يعوّلوا على شواهد العقل والفطرة والأخلاق ويحيلوا اليها.

فذُكر أنّ الأنبياء اعتمدوا في المقام الأوّل على أنّ ما جاء به الدين في شأن وجود الله سبحانه، وتوحيده، ونفي الشركاء عنه، وتعليماته التشريعية، معانٍ موافقة للعقل والتدبّر في الكون والأخلاق الفاضلة؛ كما يتمثّل في احتجاجات القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الله تعالى وربوبيته وتوحيده ونفي ألوهيّة ما عداه من الأصنام والملائكة والبشر، وفي ملائمة التشريعات الإسلامية مع العدل والحكمة.

وليس المراد بذلك نفي الاعتماد على المعاجز في إثبات رسالة الأنبياء، معاذ الله، كيف؟ وقد جاء ذكر معاجز موسى وعيسى (عليهم السلام) في القرآن، كما أنّ القرآن بنفسه كان تحدّياً معجزاً، كما تكرر فيه.

وعلى الإجمال: فقد يطرح المدعي لشيء دعوى معقولة وملائمة مع الفطرة، وتبدو عليها علائم الحقيقة وشواهد الصدق، ثم يدعمها بالمعاجز. وقد يطرح المدعي دعواه مبتدأ بالاستدلال على صدقها بالخوارق من دون اي تعويل على العقل والتفكير والاخلاق.

والطرح الإلهيّ والقرآنيّ للدين هو من قبيل الطرح الأول، كما هو واضح بالنظر إلى آيات القرآن الكريم.

هذا وقد تم بيان دور المعاجز في رسالة النبي (ص) في كتاب: (رسالة الله تعالى إلى الإنسان)، من سلسلة منهج التثبت، والسلسلة يفسّر بعضها بعضاً، وقد كان التعويل في فهم الكلام على الأجواء التي ينظر إليها الكتاب.