المرجع الفياض: هذا العصر هو العصر الذهبي للشيعة بفضل استقلالية الحوزة والحفاظ على اعتدال التشيع
2020-04-01

أكد المرجع الديني آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض إن العصر الراهن هو العصر الذهبي الشيعة بفضل جهود علماء التشيع وتضحيات مراجع الدين بالحفاظ على استقلالية الحوزة العلمية واعتدال المذهب وسلامته من اﻷفكار المتطرفة والتكفير.

جاء ذلك في جواب لسماحة المرجع الفياض على سؤال وجه إليه حول ما يصدر من تشكيكات في تراث التشيع وبعض اﻷدعية والزيارات والموضوعات التاريخية.

وجاء في السؤال الذي وجه للمرجع الفياض:

يوجد بعض من يطرح على الناس تشكيكات في دعاء التوسل وزيارة عاشوراء وحديث الكساء ووجود السيدة رقية عليها السلام وشهادة اﻹمام الهادي عليه السلام وبعض أحداث كربلاء الشهيرة وغيرها، ويدعي أن في تراثنا موضوعات لابد وأن نحذفها نحن الشيعة من قبل أن يسبقنا إليه المخالفون، وطريقته هذه قد تسبب شك بعض الناس في قوة المذهب ومتانة أصوله ومنهج العلماء في تنقيته من الخرافات، فما هو رأي سماحة الشيخ حفظه الله في اهتمام الشيعة بدعاء التوسل وزيارة عاشوراء وإحياء شهادة اﻹمام الهادي ورقيه عليهما السلام، وما هو توجيهه للذين يشككون في ذلك أمام عامة الناس مع ضعف الثقافة الدينية بدل طرح أبحاثهم على المختصين في أروقة الحوزة للإجابة عليها؟

وكانت إجابة المرجع آية الله الفياض كالتالي:

أما زيارة عاشوراء الحسين عليه السلام روحي له الفداء، فقد وردت في أهمية هذه الزيارة روايات كثيرة وقد جاء في بعضها أن زيارة عاشوراء واجبة وهذه الروايات بلغت من الكثرة حد التوتر اﻹجمالي ومقتضى هذه الروايات ان كل زيارة عاشوراء صحيحة ومعتبرة سواء أكانت صغيرة أم كبيرة فإن زيارة العاشوراء على أصناف متعددة وكل صنف من أصنافها حيث إنها زيارة عاشوراء فهي معتبرة سواء كانت مشتملة على اللعن أم لا. فإذن من يشك فيها لهو لا يرى هذه الروايات أو جاهل أو معاند

وأما حديث الكساء فقد نقله أصحابنا المتقدمين عن اﻷئمة اﻷطهار عليهم السلام مثل الكليني والصدوق والشيخ الطوسي وكامل الزيارات وهكذا، ولا يبعد بلوغها من الكثرة حدا يفيد الاطمئنان بصدور حديث الكساء عن اﻷئمة اﻷطهار عليهم السلام، وكيف كان فلا شبهة في صحة حديث الكساء.

وأما العامة فقد رووا هذا الحديث جماعة كثيرة منهم، وممن روى هذه الحديث الترمذي في سننه وقال ان الحديث صحيح ورواه ابن تيمة وقال انه صحيح وهكذا.

وأما دعاء التوسل فقد ذكره العلامة المجلسي في كتابه بحار اﻷنوار ونقله عن بعض كتب المتقدمين، وأما علماؤنا المتقدمون والمحدثون لم يتعرضوا لهذا الدعاء في كتبهم.

والخلاصة: إن دعاء التوسل لم يثبت بسند خاص ولكن لا شبهة في أن مضامينه مضامين قوية ومشتملة على كلمات اﻷئمة اﻷطهار عليهم السلام، وكل من قرأ هذه الدعاء برجاء المطلوبية وبهدوء وتضرع وتوجه قلبي إلى الله تعالى وطلب المغفرة واﻷجر والثواب والسعادة مع الانقطاع التام عن غيره تعالى وتقدس فالله تعالى يعطي له ما طلبه من اﻷجر والثواب والسعادة بمقتضى أخبار من بلغ، فإن هذه اﻷخبار صحيحة وثابتة شرعا وفي هذه اﻷخبار وعد الله تعالى عبده بأنه إذا أتى بمستحب أو دعاء برجاء ما يترتب عليه الثواب أعطاه الله تعالى هذا الثواب وإن لم يكن المستحب أو الدعاء ثابتا في الواقع بسند خاص، ولهذا بني المشهور من علمائنا على استحباب كثير من المستحبات من الدعاء وغيره فان استحبابها بدليل خاص غير ثابت ولكن استحبابها ثابت بأخبار من بلغ.

وأما وجود السيدة رقية وشهادة اﻹمام الهادي عليه السلام فهو المعروف والمشهور بين الشيعة ولا وجه للتشكيك فيهما ومضافا إلى ذلك المرجع فيهما كتب التاريخ، ودعوى ان في تراثنا موضوعات لابد من حذفها فهذه الدعاوى موجودة في كل عصر حتى في عصر اﻷئمة اﻷطهار عليهم السلام، بل كانت أشد حتى وصل اﻷمر إلى حد تسمية الشيعة بالروافض والغلاة.

أما في هذا العصر هو العصر الذهبي للشيعة فإن علمائنا العظام وفقهاء اﻷئمة ومراجعهم الكرام من زمن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي قدس سره، فقد جاهدوا وتحملوا في طول هذا التاريخ والقرون جميع المصائب والانتهاكات والمضايقات وحتى التضحيات من قبل حكومات الوقت من أجل الحفاظ على مكانة الحوزة العلمية الكبيرة واستقلاليتها وعدم صلتها وارتباطها بالدولة واﻷحزاب السياسية نهائيا، لا في نظامها الاقتصادي ولا في سياستها الدينية ولا بنظامها التعليمي، وتحملوا الفقر والجوع ولا يقبلوا من الدولة دينارا ولا درهما، وعلى ضوء هذه النقطة الذهبية وهي استقلالية الحوزة العلمية فقد حافظوا علماؤنا ومراجعنا العظام على اعتدال المذهب ووسطيته وسلامته من اﻷفكار المتطرفة والمنحرفة والتكفيرية واﻹرهابية والقتل، ولذلك تبلور مذهب الشيعة في عالم اليوم وأصبح انه مذهب معتدل لا إرهاب فيه ولا تكفير ولا قتل، هذا من جانب. ومن جانب آخر ان علماء الشيعة يمتازون عن علماء السنة، فان علماء السنة موظفون للدولة وحالهم حال سائر الموظفين للدولة وليس بإمكانهم مخالفة الدولة في أوامرها ونواهيها كسائر الموظفين، بينما علماء الشيعة مستقلون عن الدولة وغير مرتبطين بها أصلا كما مر. ولهذا لعلماء الشيعة شأن ومكانة ووقار وعظمة لدى الناس والدولة، ومن هنا تزور الدولة علماء الشيعة في بيوتهم بخلاف العكس.

فالنتيجة، أن لمذهب الشيعة مبادئ ومقومات لا يمكن التعدي والتجاوز عليها، وأما ان هنا أشخاصا يتكلمون على بعض الزيارات أو بعض اﻷدعية وبعض الشعائر الحسينية وانه لا سند لها، فهم من اﻷشخاص الذين لا يبالون لا بالدين ولا بالمذهب ولا ثقافة لهم ولا عقل ولا علم، ونحن لا نجوّز مقابلتهم وردهم فإن الباطل يموت بترك ذكره، وذكره سبب ﻹحيائه وانتشاره وليش من شأن الحوزة أن تقوم باﻹجابة عنها ﻷنها ترويج لهم وهو غير جائز، وقضية اﻹمام الحسين عليه السلام قد أصبحت حادثة عالمية لا تختص بالشيعة فقط وتوسعت وانتشرت في العالم سنة بعد سنة أكثر فأكثر، وأما النقد عن بعض المغرضين أو ممن لا دين له ولا عقل وجاهل فلا قيمة له وترى ان قضية أربعين اﻹمام الحسين عليه السلام قد أصبحت حادثة عالمية يشترك فيها المسلمون وغير المسلمين. هذا وعدم الاعتناء بالكلام الشاذ الصادر من هنا أو هناك يسبب انتحاره وموته، هذا وقد اكتفينا بهذ القدر الرمزي في الجواب عن السؤال.

وفي الختام نطلب من البارئ عز وجل أن يرفع هذا الوباء القاتل عن البشرية عامة وعن المسلمين والمؤمنين خاصة بلطفه وكرمه فانه نعم المولى ونعم النصير.