إطلالةٌ على ذكرى: من صور الشجاعة للإمام علي عليه السلام مبيته في فراش الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
2019-10-30

يحمل شهر ربيع الأول بين أيامه ولياليه جملة من الأحداث التاريخية التي مرَّت بها الإمة الإسلامية، ومن هذه الأحداث مبيت الإمام علي (عليه السلام) في فراش الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك في ليلة اليوم الأول من هذا الشهر من سنة (13) للبعثة النبوية المباركة، والتي تعدُّ صورة من صور الشجاعة والفداء لأمير المؤمنين علي (عليه السلام).

حيث لم يحدثنا التاريخ بقصة الفداء أروع منها ، فالملأ من قريش مُجمِعون على قتل النبي محمد في فراشه ، وعلم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك وأخبر علياً ، فبكى خوفاً على الرسول ، لكن الرسول حين أمره أن يبات في فراشه ، قال له علي : أوتسلم يا رسول إن فديتك بنفسي؟! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم ، بذلك وعدني ربي . فاستبشر عليٌّ وانفرجت أسارير وجهه ابتهاجاً بسلامة النبي ، وتقدم إلى فراشه مطمئن النفس ثابت الجَنان نام فيه متَّشحاً ببرده اليماني .

باتَ علي (عليه السلام) تلك الليلة في فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موطّناً نفسه على القتل، وجاءت رجال من قريش لتنفيذ المؤامرة، فلما أرادوا أن يضعوا اسيافهم فيه، وهم لا يشكّون أنه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثار (عليه السلام) في وجوههم ، فانهزموا منه فتركوه وتفرقوا في البحث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فكان امير المؤمنين علي "عليه السلام" اكثر الناس حرصاً على نشر الرسالة الاسلامية، وقد ظهر ذلك من خلال تضحياته وحرصه ومآزرته للنبي الاكرم محمد "صلى الله عليه وآله" في الحروب وغير ذلك من المواقف التي شهد لها ارباب التاريخ.

وعليه ان مبيت أمير المؤمنين علي "عليه السلام" في فراش النبيّ محمد "صلى الله عليه وآله" لم يكن أمراً يسيراً من الممكن أن يؤدّيه أيّ انسان اعتيادي، بل كان أمراً يتطلب شجاعة كبيرة ، ولاسيما حين يعلم أنّه سيُقْتَل لا محالة، ذلك لأنّ مشركين قريش اتخذوا قراراً لقمع الدين وانهاء وجود النبيّ الاكرم في تلك الليلة غير أنّ النبيّ الاكرم استطاع الخروج في ذلك الليل من دون أنْ يراه أحد وهو يقرأ قوله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾، وبمساعدة امير المؤمنين الذي بات ليلتها في فراشه، تصديقا لقوله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾.