8 ذو الحجة خروج الإمام الحسين(ع) من مكة إلى العراق
2019-08-10

على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، اِرتأى(عليه السلام) أن يُرسل مبعوثاً عنه إلى الكوفة، فاختار ابن عمّه مسلم بن عقيل(عليه السلام) لصلاحه وأهلّيته لهذه المهمّة.

ومنذ وصول مسلم إلى الكوفة بدأ يجمع الأنصار، ويأخذ البيعة للإمام الحسين(عليه السلام)، ويوضِّح أهداف الحركة الحسينية، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها، فأعلنت ولاءها للإمام الحسين(عليه السلام)، عند ذلك كتب مسلم بن عقيل رسالة إلى الإمام الحسين(عليهما السلام) يحثُّه بالتوجّه إلى الكوفة، وعندما تسلّم الإمام الحسين(عليه السلام) الرسالة قرّر التوجّه إلى العراق.

فكان خروجه(عليه السلام) يوم الثلاثاء -يوم التروية- لثمانٍ مضين من ذي الحجّة، ومعه اثنان وثمانون رجلاً من شيعته وأهل بيته قبل إتمام الحجّ، ويعني ذلك أنَّ الإمام(عليه السلام) لم يُكمِلْ حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف لِيُمارس تكليفَه الشرعيّ في الإمامة والقيادة، فجمع الإمامُ الحسين(عليه السلام) نساءه وأطفاله وأبناءه وإخوته وأبناء أخيه وأبناء عُمومَته، وشدَّ (عليه السلام) الرّحَالَ وقرَّر الخروج من مكّة المكرَّمة.

وليلة خروجه من مكّة خطب خطبته الشهيرة فقال(عليه السلام): (الحَمدُ للهِ، ومَا شاءَ الله، ولا قُوّة إلّا بالله، وصلّى الله على رسوله.. خُطّ المَوتُ على وُلدِ آدم مخطّ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة، وما أولَهَني إلى أسلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف، وخيرٌ لي مَصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطِّعُها عسلانُ الفلوات بين النّواوِيسِ وكَربلاء، فيملأن منّي أكراشاً جوفا، وأجربةً سغبا. لا مَحيصَ عن يومٍ خُطّ بالقلم، رِضا الله رِضَانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفِّينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعةٌ له في حظيرة القدس، تقرُّ بهم عَينه، وينجزُ بهمْ وَعدُه، من كان باذلاً فِينَا مهجتَه، وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه، فلْيَرْحَلْ مَعَنا، فإنِّي راحلٌ مُصبِحاً إن شاء الله).