آية اللّه العظمى آقا حسين القمي (قدس سره).. المواساة شيمة الأوفياء
2019-07-18

 ذكر أحد تلامذة المرحوم آية اللّه العظمى الحاج آقا حسين القمي (قدس سره): أنه كان للمرحوم مجلس بحث عامر يضم بين جوانحه كبار العلماء والمراجع المعروفين في عصره.

وكان المرحوم القمي إذا جاءته استفتاءات مهمّة من مقلّديه اغتنم مجلس بحثه وعقد مع هؤلاء المراجع الحاضرين في البحث مجلس شورى الفقهاء وطرح عليهم الاستفتاءات وناقشهم في آرائهم وبالتالي كان يخرج من مجلسه هذا بآراء صائبة نتيجة لتلاقح الأفكار وتبلور الآراء ويجيب بها مستفتيه.

وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على شموخ فكره، وعلوّ همّته، وطيب نفسه، وحقيقته وواقعيّته، فإنه كان واقعياً إلى أبعد حدّ، حتّى أنه ينقل عنه:

إنّ تاجراً جاء إلى زيارة العتبات المقدّسة من إيران وكان من مقلّديه، فلمّا علم بأن المرحوم القمي مرجعه الكبير يسكن في دار مستأجرة وليس له دار شخصيّة جاء إليه وعرض عليه أن يسمح له أن يشتري لسماحته داراً يهبها له ليسكنها.

فلم يسمح له سماحته بذلك معتذراً بأن عليه أن يواسي أضعف الطلبة معاشاً، وكثير من الطلبة لا يملكون داراً، ومادام هناك طالب واحد لا يملك داراً شخصية، فلا يأذن لنفسه أن تكون له دار شخصية.

فقال التاجر: إنّ المبلغ ليس من الحقوق الشرعية وإنما هو تبرّع منّي.

فأجاب سماحته قائلاً: نعم وإن كان المبلغ تبرّعاً فإني لا اُحب أن أعيش إلا مواسياً للطلبة الآخرين.

وهكذا كان المرحوم القمي قمّة في أخلاقه وسيرته، فقد عاش في دار مستأجرة ولم يملك لنفسه داراً إلى آخر حياته، وفي نهاية حياته نقل عنه خاصّته:

أنه اشتدّ به مرضه حتى أغمي عليه، فلمّا أفاق التفت إلى ذويه وخاصّته، وطلب منهم بإلحاح أن يُجلسوه، فتعجّبوا من طلبه ذلك وهو في هذه الحالة، لكنهم لما أجلسوه واستقرّ به المكان شخص ببصره نحو الباب وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ثم تشهّد الشهادات الثلاث وانتقل إلى جوار رحمة ربّه، (قدس اللّه سرّه)