واقعة الغدير حادثة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية
2023-02-02

النقطة الأولى:

إن واقعة الغدير حادثة اجتماعية عامة وهي ذات بعد سياسي على كل حال.

وذلك لأن الخطبة التي خطبها النبي (صلى الله عليه وآلهِ) تتألف من فقرتين أساسيتين كما تقدم:

١ . فقرة إيجاب التمسك بالثقلين.

وهذه الفقرة تتحدّث عن مكانة (أهل البيت) بين الأمة بشكل خاص والتمسك بهم كسبيل للأمن من الضلالة، وهذا المعنى ذو ظلال في عالم السياسة، فأيّ حاكم مستقبلي لا بدّ أن يحسب لرجال هذا البيت ـ الذين قال فيهم النبي (صلى الله عليه وآلهِ) قولته هذه - حساباً كما يحسب الحكام دائماً حساباً لأصحاب المواقع الدينية الذين يراهم الجمهور هداة في الدين وفي مقتضياته في الحياة.

٢ . فقرة الولاء.

وهذه الفقرة أيضاً تتحدث عن أمر ذي دلالات سياسية.

وذلك:

أولاً: أنها تحدثت عن الولاء لشخصية سياسية في دولة النبي (صلى الله عليه وآلهِ) وهو الإمام علي (عليه السلام)، فقد كان الإمام (عليه السلام) في زمان النبي (صلى الله عليه وآلهِ) أبرز عصبة النبي (صلى الله عليه وآلهِ) وحماته، وكان النبي (صلى الله عليه وآلهِ) قد صرّح بأنّه أخوه ووزيره ووصيه، والوزارة لمن يكون في موقع القيادة السياسية كالنبي (صلى الله عليه وآلهِ) طبعاً ذو معنى سياسي، كما أن عقد الإخاء معه (عليه السلام) لن يخلو عن مغزى سياسي كما يظهر بتأمل ذلك جيداً.

وثانياً: أن النبي (صلى الله عليه وآلهِ) قد ارتكز في عقد الولاء للإمام (عليه السلام) على صلاحيته السياسية وهو أولويته بالمؤمنين من أنفسهم، فإن ذلك يتعلق بأمر تدبيره وقيادته للأمة وحقه في تقرير ما يراه.

إذاً مضمون الخطبة في كلٍّ من فقرتيها سياسي أو ذو بعد سياسي، فتكون هذه الواقعة ذات مدلول سياسي، ويجب التعامل معها والتفطن لدلالاتها واتجاهها وفق ما يلزم من العناية في شأن الأمور السياسية، والالتفات إلى ما تكون هذه الأمور عرضة لها من وجوه التأويل والتحريف، لا سيما إذا لم تكن لمصلحة الخلفاء والحكام كما هو الحال في هذه الواقعة، إذ كانت الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآلهِ) عموماً في غير أهل البيت (عليهم السلام) عدا فترة وجيزة وهي خمس سنوات حكم فيها الإمام علي (عليه السلام)، وستة أشهر بعدها حكم فيها الإمام الحسن (عليه السلام).




واقعة الغدير ( (1) ثبوتها ودلالاتها)، ص107 - 109

السيد محمد باقر السيستاني