َفي جهود النبي (صلى الله عليه وآله) لصالح الإسلام بكيانه العام
2022-07-25

من المعلوم حال العرب قبل البعثة في تدابرهم وتشتتهم وتفرق كلمتهم، ووهنهم وضعفهم، واحتقار الأمم لهم.

وقد أوضح ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته المعروفة بالقاصعة، حيث قال:((فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل (عليهم السلام).

 فما أشد اعتدال الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال.

تأمّلوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أرباباً لهم، يجتازونهم عن ريف الآفاق، وبحر العراق وخضرة الدنيا، إلى منابت الشيح، ومهافي الريح، ونكد المعاش.

فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر ووبر، أذلّ الأمم داراً، وأجدبهم قراراً، لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها، ولا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها، فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة. في بلاء أزل، وإطباق جهل، من بنات موءودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة)) (نهج البلاغة ج:2 ص:152ـ153).

ونحوه قول سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) في خطبتها الكبرى: ((وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونُهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد، أذلّة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم)) (الاحتجاج ج:1 ص:135ـ136 في ذكر ما احتجت به فاطمة عليها السلام على ابي بكر).

وقد استطاع رسول الله صلى الله عليه وآله بحكمته وحسن إدارته وتسديد الله تعالى له أن يجعل من هذه الأمة أمة موحدة، تنهض بنشر الإسلام في مدة قصيرة، بنحو تتقبله الشعوب المختلفة، وتدخل فيه أفواجاً، وتتبناه عن قناعة كاملة. حتى صار ديناً عالمياً لا يخص أمة معينة.

 



خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) ، ص29

اية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس)