حالات غير مستقيمة في ثنائية الذكر والأنثى والتعامل معها
2024-04-15

وهناك بجنب الحالة العامة المتعارفة حالات تشذ عن القاعدة المتقدمة كما هو الحال في سائر الأمور التي فطر عليها الإنسان، حيث إنه قد تتشوّه فطرة المرء فيها إدراكياً أو جسدياً أو نفسياً أو أخلاقياً، وتتجه إلى منحى مختلف سلوكاً للطريق الخاطئ وقد يساعد على ذلك عوارض مرضية أو حوادث غير اختيارية أو نحو ذلك (1) .

ولذلك كانت هناك حالات عدة ترتبك فيها تلك الثنائية (الذكر والأنثى) وما يترتب عليها من فوارق بين الجنسين.

وهي تندرج في ثلاث حالات:

 الحالة الأولى: انحراف الميل الجنسي للإنسان، بمعنى أن يميل الشخص إلى إقامة العلاقة مع الجنس المماثل، فيميل الذكر إلى العلاقة مع ذكر آخر، أو تميل الأنثى إلى العلاقة مع أنثى أخرى، ومثله ما لو مال الشخص إلى العلاقة مع كل من الجنسين.

هذه الحالة تتفق في الأزمنة القديمة، إلا ان التلقي العقلائي العام كان ولا زال على اعتبار ذلك ضرباً من الاضطراب النفسي الجنسي، وخارجاً عن القوانين الفطرية التي ألهم بها الإنسان وسنت عليها مصالحه النوعية وتكوينه النفسي والبـدني فهي حالات لا أخلاقية أو مرضية وليست حالة مستقيمة، وهي تنشأ عن عوارض جسدية أو نفسية أو سلوكية أو حوادث أخرى - كما سيأتي بيانها ــ، ولا يصح لصاحبها أن يقيم علاقة على أساس الميول والمشاعر المخالفة للتمثل الجسدي، كما هو الحال في سائر التعلقات الشاذة الغريزية مثل التعلق بالأطفال، وإذا أعلن صاحبها عن مثل

ذلك ردع عن ذلك صيانة للجو الإنساني العام عن حدوث الشذوذ.

 الحالة الثانية: اضطراب الشخصية الجنسية، بمعنى أن يكون الإنسان ذكراً جسدياً تماماً لكنه يميل إلى أن يكون أنثى أو يشعر فعلاً بأنه أنثى محبوسة في جسم ذكر وقد خلق في الجسد الخطأ، أو يكون الإنسان أنثى جسدياً، ويميل أو يشعر بأنه ذكر، أو يميل الإنسان إلى أن يكون ذكراً وأنثى في آن واحد، وتعرف هذه الحالة في اللغة بـ(المخنث).

وهذه الحالة لم تكن تلقى إقراراً من عامة العقلاء، بل كانت تتلقى ضرباً من الوهم، وربما يوجهه أهل الخرافة بتلبس جنّ ذكر بالأنثى جسدياً مثلاً أو جنّ أنثى بالذكر جسدياً، ويحللون هذه الحالة على هذا السبيل.

 الحالة الثالثة: اضطراب الشخصية الجنسية للإنسان جسدياً، بمعنى أن يكون للشخص مثلاً الأعضاء الخاصة لكل من الذكر والأنثى، أو بعضها، أو لا يكون له شيء منهما ولو ظاهراً، وتسمى هذه الحالة في اللغة بـ(الخنثى)، وكأن أصل هذه اللفظة هي لفظة الأنثى مع إضافة الخاء بدلاً عن الهمزة للإشارة إلى الأنوثة المشوهة.

وهذه الحالة كانت تعتبر قديماً وحديثاً طبياً ضرباً من التشوه في خلقة الإنسان كما هو الحال في سائر التشوهات الخلقية النادرة.

فهذا توصيف الانطباع العقلائي العام والتاريخي حول ثنائية الذكر والأنثى.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) علماً أن ما أثر من هذه النزعات الشاذة عموماً قبل العصر الحاضر لم ترق إلى درجة القـبول بالاقتران المماثل كنوع من الزواج، بل كانت ممارسات خارج إطار الزواج.



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص48، ص49 تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني