دلالة الفطرة الانسانية على مشروعية الاقتران الزوجي من خلال الهدي الداخلي
2024-03-16

وقد اتضح من العرض السابق إجمالاً دلالة الفطرة الإنسانية على مشروعية الاقتران الزوجي بنحو تكامل الذكر والأنثى حصراً من خلال الهدي الداخلي بوجوهه المتنوعة والمنسجمة.

١. فالهدي الجسدي والوظيفي يرشد إلى تكامل الذكر والأنثى من خلال خصائصهما العضوية التشريحية المختلفة المنسجمة والوظائف العضوية لتلك الأعضاء.

2. والهدي النفسي والسلوكي يرشد إلى اتجاه الشعور الغريزي والعاطفي إلى

الجنس المغاير، وتميز كل من الجنسين بخصائص سلوكية مختلفة ولكن متلائمة مع

خصائص الآخر.

3. والهدي القانوني - ونعني القانون الفطري - والأخلاقي يرشد إلى استثناء الاقتران بين الجنسين حصراً من مبدأ العفاف والحياء، ويبقى غيره من وجوه

الاقتران ذميماً وباقياً تحت أصل العفاف.

٤. كما أن الهدي الحكمي - الذي يجده عامة العقلاء ويحفزه تجارب الحياة - يدل على أن تكامل الجنسين بالاقتران موافق مع الصلاح الجسدي والنفسي والاجتماعي

للفرد وللمجتمع الإنساني.

وأما الهدي الإدراكي فإنّ شأنه في الموضوع هو حسن فهم وتلقي إشارات الفطرة وهديها من النواحي الجسدية والنفسية والأخلاقية والسلوكية، ولذلك يصح القول إن الرغبات الشاذة تنشأ في الحقيقة عن نوع من الغباء عن تلقي إشارة الفطرة

والطبيعة إلى مسار الاقتران بين الجنسين، أو حدوث حواجب تحول دون تلقي هذه الإشارة داخلياً.

وقد جاء الدين مؤكداً للهدي الفطري، حيث نجد أن مشروعية الاقتران بين الجنسين حصراً من جملة ثوابت الأديان عامة والدين الإلهي برسالاته المتعددة خاصة

وأبرزها الرسالات الإبراهيمية الثلاثة الموحدة لله سبحانه وهي رسالة موسى (عليه

السلام) ورسالة عيسى (عليه السلام) ورسالة الإسلام.

وقد نبه الدين على هذه الثنائية - التي تسري في معظم الحيوانات أيضاً ـ كآية من

آيات الله سبحانه في الكون والحياة، ونعمة بالغة على الإنسان، فقال تعالى: [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] (سورة الروم: آية 21)، وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا](سوة النساء: آية 1) .



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص39 ص41

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني