طرق المعرفة وأدواتها في الإسلام
2024-03-07

الأصل الأول: طرق المعرفة

يستعين الإسلام لمعرفة الكون، وللوصول إلى الحقائق الدينية بثلاثة أنواع من الأدوات مع أنه يعتبر لكل واحد منها مجالا مختصا به.

وهذه الأدوات هي:

1 . الحس، وأهم الحواس هما حاستا السمع والبصر.

2 . العقل الذي يكتشف الحقيقة في مجال محدود وخاص، منطلقا

في ذلك من أصول ومبادئ خاصة.

3 . الوحي الذي هو وسيلة لارتباط ثلة ممتازة ومميزة من البشر بعالم الغيب.

وفي إمكان البشرية جميعا أن يستفيدوا من الطريقين الأولين في معرفة الكون وفي فهم الشريعة كذلك، بينما الطريق الثالث خاص بمن شملته العناية الإلهية، وأبرز نموذج لهذا النمط من الناس هم رسل الله وأنبياؤه الكرام (جاءت الإشارة في الأحاديث الإسلامية إلى من وصف بالمحدث وسيأتي الكلام عنه مستقبلا).

هذا مضافا إلى أن أدوات الحس وما يسمى بالحواس الخمس، لا يستفاد منها إلا في مجال المحسوسات، كما لا يستفاد من أداة العقل إلا في مجال محدود يملك العقل مبادئه.

على حين يكون مجال الوحي أوسع نطاقا وأكثر شمولية، كما أنه نافذ في جميع الأصعدة سواء في مجال العقيدة أو في إطار الوظائف والتكاليف.

ولقد تحدث القرآن الكريم حول هذه الأدوات الثلاث في آيات متعددة نأتي هنا بنموذجين منها:

طرق المعرفة وأدواتها في الإسلام . . .

فقد قال تعالى عن الحس والعقل:

 [وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (النحل / 78).

والمراد من الأفئدة في الآية - وهي جمع فؤاد - بقرينة لفظتي:

" السمع " و " البصر " هو العقل البشري.

على أن ذيل الآية المذكورة الذي يتضمن أمرا بالشكر يفيد أن على الإنسان أن يستفيد من هذه الأدوات الثلاث لأن الشكر يعني صرف كل نعمة في موضعها المناسب.

وحول " الوحي " قال سبحانه:

 [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] (النحل / 43).

إن الإنسان المتدين يستفيد - في معرفة الكون والحياة، والعقيدة والدين - من الحس، ولكن غالبا ما تكون المدركات الحسية أساساً ومنطلقاً لأحكام العقل أي أن تلك المدركات تصنع الأرضية للفكر وحكمه، كما أنه قد يستفاد من العقل والفكر في معرفة الله وصفاته وأفعاله وتكون حصيلة كل واحدة من هذه الطرق والأدوات مقبولة، ونافذة ومعتبرة في اكتشاف الحقيقة ومعرفتها.



العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت ( ع )، الشيخ السبحاني، ص 15 - ص17