المَسار التّأريخي لِعلم الأخلاق
2024-03-03

فمما لا شك فيه أنّ الأبحاث الأخلاقية، ولدت مع أوّل قدم وضعها الإنسان على الأرض، لأن النّبي آدم عليه السلام لم يعلّم أبناءه الأخلاق فقط، بل إنّ الباري تعالى، عندما خلقه وأسكنه الجنّة، أفهمه المسائل الأخلاقيّة والأوامر والنّواهي، في دائرة السّلوك الأخلاقي مع الآخرين.

واتخذ سائر الأنبياء عليهم السلام طريق تهذيب النّفوس والأخلاق، والتي تكمن فيها سعادة الإنسان، حتى وصل الأمر إلى السيّد المسيح عليه السلام، حيث كان القسم الأعظم من تعاليمه، هو أبحاثا أخلاقيّة، فَنَعَته حواريّوه وأصحابه بالمعلِّم الأكبر للأخلاق.

ولكن أعظم مُعلِّمي الأخلاق، هو: رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)، لأنّه رفع شعار: ((إنّما بُعثت لُاتمّم مكارَم الأخلاق)).

وقال عنه الباري تعالى: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] (سورة القلم، الآية 4).

ويوجد قديماً بعض الفَلاسفة، مَنْ لُقّب بمعلّم الأخلاق، مثل: أفلاطون، وأرسطو، وسُقراط، وجَمع آخر من فَلاسفة اليونان.

وعلى كلّ حال، فإنّه وبعد رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)، فإنّ الأئمّة عليهم السلام هم أكبر معلّمي الأخلاق، وذلك بشهادة الأحاديث التي نُقلت عنهم، حيث ربّوا أشخاصاً بارزين يمكن أن يعتبر كلّ واحد منهم مُعلِّماً لعصرهِ.

فحياة المعصومين (عليهم السلام) وأتباعهم، هي خيرُ دليلٍ على سُمّو نفوسهم، ورفعة أخلاقهم، في حركة الواقع.



الأخلاق في القرآن، ج ١، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ص ٢٨، 29