تأصيل اللياقات والحدود الخاصة في استجابة الحاجة الغريزية في النفس الإنسانية
2024-02-27

فكان من تلك الحدود: 

1.إن الارتباط الغريزي الذي تنبثق عنه فطرة الإنسان بعد البلوغ التدريجي إنما يكون بين الجنسين (الذكر والأنثى) دون اثنين من جنس واحد، كما يؤشر عليه تكامل الجنسين بالتفاو ت الجسدي والوظيفي والنفسي والسلوكي، فالارتباط بين اثنين من جنس واحد داخل تحت تأصيل العفاف والحياء.

2. إنّ الارتباط بين الجنسين لا  بدّ  أن يكون على أساس  التعاقد  المسبق على الاقتران بين اثنين (رجل وامرأة معينين) ولا يصح أن تكون ممارسة ابتدائية، ولا أن تكون انفلاتاً للرجل تجاه أية امرأة أو للمرأة تجاه أي رجل، فذلك أمر غير لائق بالإنسان، ولا هو جزء من غايات زرع هذا الشعور في الإنسان بتاتاً فهو داخل تحت أصل العفاف والحياء. 

2.أن يكون الارتباط الغريزي بين شخصين لا يكون أحدهما من محارم الآخر فلا يصح الارتباط بين الابن والأم، ولا بين البنت والأب، وكذلك لا يصح الارتباط بين الأخت والأخ، وما إلى ذلك، فالمحرمية بمراتبها لن تلائم ـ بحسب ما فطر عليه الإنسان ـ الفطرة والنظر الغريزي إلى الآخر. 

3.أن يكون الارتباط بين شخصين بالغين، فلا يصح بين شخصين يكون أحدهما أو كلاهما غير بالغ، لعدم انبثاق الغريزة أو عدم نضجها؛ لعدم صلاحية الاقتران قبل البلوغ. 

4.إنّه لا بدّ من حفظ الزوجين للارتباط الخاص أمام الآخرين؛ رعاية لأصل العفاف والحياء العام، وإن كان أصل التعاقد والمعايشة المشتركة بين الزوجين أمراً معلناً وليس سريّاً.

وهكذا فطر الإنسان وألهم باقترانه بآخر من الجنس المغاير.

ويتيح هذا الاقتران بين الزوجين (الذكر والأنثى) من خلال التعاقد الإنجاب ورعاية الأولاد على وجه مشترك، حيث أُلهم الزوجان بأنهما حيث كانا سبباً في وجود الأولاد بينهما فإنّ عليهما من البعد الفطري الأخلاقي والبعد الحكمي  مسؤولية رعايتهم حتى البلوغ و الرشد والاستقلال، وهما يجدان بمشاعرهما الفطرية النفسية اندفاعاً إلى ذلك من جهة أنهما يشعران بأنّ الأولاد هم منهما وجزء من كيانهما واستمرار لهما، كما جاء عن الإمام علي (عليه السلام) قوله لابنه الحسن (عليه السلام): (يا بني وجدتك بعضي بل وجدتك كلي) (نهج البلاغة: 391).



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص36 ــ ص38

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني