الهدي الإدراكي والجسدي تجاه العفاف
2024-02-24


 فأما الهدي الإدراكي: فهو يقتضي صيانة النفس عن الخطأ في رصد مكونات النفس الإنسانية وتركيبتها الظريفة وعن التفكير الارتغابي في إثر طغيان الرغبات الغريزية ونحو ذلك مما يمنع عن رصد هذا الأصل المهم، فلا بد من تأمل المرء للموضوع على منهج ناضج وسليم وعلى وجه جامع ومن أفق عال ينظر إلى جميع أبعاد الموضوع ومقتضياته.

وأما الهدي الجسدي: فليس فيه مؤشر ظاهر بشأن الموضوع (نعم قد يتلقى وضع الأعضاء الخاصة في موضع مستور وملائم للستر في البدن ذا مغزى فطري كدلالة على لزوم الستر على وجه عام، لأنه موضع مناسب مع هذه الغاية، لكن نجد في الحيوانات أيضاً أن موضع الأعضاء الخاصة كموضعها لدى الإنسان مع أنه لا يستنبط مثل هذا المغزى منها، بل المغزى الأحيائي الذي هو الحفاظ على هذه الأعضاء الحساسة، لكن ليس هناك ما يمنع من احتمال رعاية هذا البعد أيضاً في التكوين الجسدي للإنسان).

وربما يُظَنّ أنّ في خلق هذه الأعضاء للإنسان ما يقتضي إباحة التعري وإظهارها لتبدو كما هو الحال في الحيوانات فالتستر صناعة مجتمعية لا موجب لها وفق الفطرة

وكذلك الحال في تحديد الغريزة وتجنب الاسترسال فيها.

وهذا الظن خطأ فاحش للغاية فإن من المهم ملاحظة خصوصية الإنسان بالنسبة إلى الحيوانات من جهة وملاحظة مجموعة ما زود به من معان كالذي يشتمل عليه الضمير الإنساني والمشاعر الراقية التي تحد الغريزة ومن جملتها صفة العفاف والحياء كما تقدم توضيح ذلك.



سلسلة مقالات من كتاب (تكامل الذكر والانثى في الحياة)، ح 1، ص33، 34

تأليف: السيّد محمّد باقر السيستاني